حوار الأمين العام للرشاد مع صحيفة الأهالي
حوار الأمين العام للرشاد مع صحيفة الأهالي
حاوره ـــــ أحمد الصباحي
* أشهرتهم حزب اتحاد الرشاد اليمني السلفي في اليمن كأول حزب سياسي سلفي، ما دواعي تأسيس الحزب، ولماذا هذا التوقيت برأيك؟
– بالنسبة لبواعث ومنطلقات إنشاء هذا الحزب، لا يخفى على المتابع والمشاهد التغيير الذي حدث في الحالة اليمنية عموما، وعلى المشهد السياسي خاصة ثم المشهد العربي بوجه أعم، والتيار السلفي تيار متواجد له امتداده بمؤسساته الدعوية والعلمية والخيرية والثقافية والفكرية والشبابية، وكان كثير من مكونات الشباب السلفيين منخرطة في هذه الثورة ولهم حركات وكيانات في ساحات الثوار، أيضا الوصاية التي فرضت على اليمن في المرحلة الأخيرة، وصاية فكرية، وصاية علمية، وصاية سياسية.
* وصاية مِن�‘ مَن�‘؟
– وصاية من المحيط الدولي، وصاية إن صح التعبير أمريكية، ومن الاتحاد الأوروبي. حتى أصبحت هيكلة الجيش، وأصبحت القرارات مربوطة بالسفارات الغربية لا مربوطة بقرار داخلي، إلى جانب استغلال هذا الظرف من بعض القوى والدوائر المرتبطة بجهات خارجية، واستغلال هذا الطرح الذي تمر به اليمن على حين غرة بتمرير مخططات معينة ثقافية وفكرية، كما نسمع الآن بدمج ونشر وإدراج النوع الاجتماعي (الجندر) في التعليم. هذا كمثال، فهذا التآمر الكبير الذي يحيط باليمن إنسانا وشعبا وأرضا وثقافة وقبل ذلك دينا، كل ذلك بواعث تستدعي من أهل الحل والعقد ومن الصادقين من أبناء هذا الشعب اليمني أن يكون لهم موقف جاد. لذلك رأى السلفيون واجب الوقت، واجب الضرورة، أن يخرطوا في العمل السياسي الخاص، وأن كانوا لهم مشاركات في العمل السياسي العام، لكن بالمفهوم الخاص بما يرون من الواجب عليهم في هذه المرحلة من القيام بواجب نحو أمتهم وشعبهم وبلدهم ودينهم، أيضا التغيير الذي حدث في الساحة العربية من تغير الأنظمة الاستبدادية والديكتاتورية أعطى مؤشرات لتجسيد إرادة الشعوب تجسيدا صحيحا، وهذا أيضا مما شجع السلفيين على الانطلاق للعمل السياسي الخاص.
* ما هي مكونات هذا الحزب، ولماذا غابت بعض الرموز السلفية كالشيخ الدبعي والمهدي والماربي وغيرهم؟
– المشاركون في المؤتمر السلفي من كل التوجهات ومن كل الكيانات والاتجاهات والمناطق، وأنا مسؤول عن هذه الكلمة، ما من اتجاه ولا كيان ولا منطقة إلا وله مشارك في المؤتمر، إلا أن هناك بعض المشايخ والرموز تخلفت إما لأسباب تنسيقية مع هيئة تحضير المؤتمر، حتى لا ينحشر كل الناس في هذا الاتجاه، وهو من باب تفريغ بعض الناس لهذا العمل وسد الثغرة فيه، والآخرون يكونون سددا ومددا من ورائنا، وبعض الآخرين كان لهم نظرة في قضية تكتيك موعد المؤتمر وقد تُفهم معهم.
* يعني الأمور شكلية وترتيبية ولا يوجد تعارض مثلا من يقف مع تأسيس الحزب من عدمه؟
– لا، لا. جزء بسيط من هؤلاء الذين لا يرون المشروعية، وإن صح التعبير، يمكن أن نصنف السلفيين في الموقف ثلاثة.. المتخلفين عن حضور المؤتمر وأنا أعتبرهم قلة، صنف لا يرى المشروعية، عنده تحفظات فكرية، وصنف يرى المشروعية لكن عنده نظرة تكتيكية وهو معك من حيث المبدأ، لكن يرى أن اختيار الوقت والانطلاق متى وكيف، وصنف هو معك من حيث الفكر، ومن حيث الترتيب والتوقيت، ولكنه بترتيب مع الهيئة التحضيرية آثر أن يكون دائما من الوراء ولا ينخرط الجميع في هذا العمل.
* حاليا، هل هناك حوارات مع الذين لم يحضروا بسبب سوء الترتيبات أو التحفظات الأخرى؟
– البيان الختامي نص على أن الهيئة التحضيرية للكيان تتواصل مع جميع المكونات السلفية، وأن تتيح لها المجال للانخراط في التحضير، وفي الهيئة التأسيسية للكيان بالتنسيق مع الهيئة التحضيرية للانضمام. وفعلا شكلت لجنة تواصل وأنا كنت أحدها، ونزلنا إلى عدن ولحج وتعز وإب، والتقينا بالكثير من المشايخ ورموز العمل السلفي، وشباب العمل السلفي، وسلمناهم خطابات من الهيئة التحضيرية بطلب الانضمام والمشاركة، وكان على رأس هؤلاء الشيخ عبدالعزيز الدبعي والشيخ محمد المهدي والشيخ عمار بن ناشر العريقي، وسلمت لهم خطابات الهيئة التحضيرية بطلب الانضمام والرد على ذلك، ووعدونا خلال أسبوع من تاريخ الأربعاء الماضي 21 مارس بالرد الإيجابي إن شاء الله.
* حركة النهضة السلفية في عدن التي أعلنت بيانا بعد المؤتمر بانسحابها بسبب أن المؤتمر لم يعط القضية الجنوبية حلا عادلا؟
– تفسير أن حركة النهضة كلها انسحبت خطأ، لديك ثلاثة أعضاء في الهيئة التحضيرية، عبدالله الجوفي في أبين هو مسؤول حركة النهضة، وجلال الكميتي في يافع هو مسؤول حركة النهضة، وللتصحيح، ليس كل أفراد حركة النهضة موافقون على بيان الانسحاب، بل ما زال مسؤول حركة النهضة في لحج، ومسؤول في لودر والأخ جلال الكميتي من مسؤوليها في يافع، كل هؤلاء في الهيئة التحضيرية حتى الآن ومتفاعلون وكذلك الكثير من شبابهم، لكن في رئاسة حركة النهضة، وأنا أقولها بكل صراحة، الأخوة هؤلاء أصبح لهم ميولات سياسية منسجمة مع الطرح الحراكي المتطرف.
* تقصد أنهم يدعون إلى الانفصال؟
– نعم، يدعون إلى الانفصال وإلى حل القضية، وطبعا نحن مع حل القضية الجنوبية، ومع إنصاف إخواننا في المحافظات الجنوبية إنصافا عادلا، وحل كل مشاكلهم، هذا من حيث المبدأ، لكن قضية الحل وكيفيته، لا نملكها نحن كسلفيين، ولا تملكها حركة النهضة، وإنما يملكها كل مكونات هذا المجتمع، المكونات الاجتماعية والسياسية هي صاحبة القرار، ومثلنا ندعو إلى الحل الذي لا يؤثر على مصالحنا الاستراتيجية من حيث الشعب اليمني كأمة واحدة، من حيث دينه وثقافته، فنحن مع حل القضية الجنوبية حلا عادلا وندعو إلى ذلك، ودعونا بل جعلنا ذلك من أولى الأولويات، لكن تفاصيل الحل، واختيار تفصيل معين، أو نوعية حل اختارها تيار سياسي معين، هذا ليس في أطروحات اتحاد الرشاد، بل نحن نمد يدنا للإخوة في المناطق الجنوبية والقوى السياسية والاجتماعية في كل مكان باليمن، للتعاون على حل هذه القضية حلاً عادلاً ومرضياً.
* التيار السلفي ظل طوال فترة طويلة يعمل في إطار العمل الخيري والإغاثي والدعوي، والآن بدأتم في مسار سياسي جديد، كيف سيؤثر المسار السياسي على المسارات الأخرى الدعوية والخيرية، من سيؤثر في الآخر السياسة أم العمل الخيري والدعوي؟
– صحيح، أن معظم اهتماماته كانت بهذه الاتجاهات العلمية والدعوية والخيرية والفكرية، لكن لا نقول إنه لم يكن مشاركا سياسيا، بل كان له حضور سياسي بخطابه ومواقفه وقياداته، لأن العمل السياسي ليس في صورة الحزب، وتكوين الحزب، واختزال العمل السياسي في تكوين كيان حزبي سياسي رسمي اختزال بسيط، والعمل السياسي والنشاط السياسي هو أوسع من ذلك.
لكن بالمفهوم الخاص، وهو الانخراط بالعملية السياسية بكيان مرخص مرسم يمارس التنافس السياسي مع الأحزاب الأخرى هذا هو الجديد في المدرسة السلفية، وقد ذكرنا أن هناك مبررات دعت إلى ذلك، واقعية وشرعية ومصلحية، لكن لا نستطيع أن نقول إن العمل السياسي سيهضم أو سيقضي على العمل الدعوي، والعلمي، لا.
الحركة السلفية لا زالت محتفظة بمناشطها العلمية والدعوية والخيرية والفكرية، بل نرى ذلك هو الخط الإستراتيجي. والعمل السياسي الخاص، ما هو إلا فرض كفاية يقوم به مجموعة من السلفيين يسدون هذه الثغرة ويساهمون في هذا الاحتساب السياسي، الذي نراه نوع من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولا يعني إغلاق الجوانب الأخرى بل نمضي مع هذه الجوانب متكاملة ومترابطة ومتوازنة، كل على ثغرة يسدها، ولا أظن أن هناك -كما يرى البعض- انخراط كل التيار السلفي في هذا العمل وترك المجالات الأخرى. نحن نرى أن ذلك خطأ فادح.
* معنى ذلك أنه سيتفرغ أناس للعمل السياسي فقط؟
– نعم، والآخرون في الدعم العام.
* في قضية أخرى، لنأخذ تجربة حزب الإصلاح، ظل فترة طويلة في حوارات داخلية وعراك كبير من أجل بعض الإشكاليات المتعلقة بمشاركة المرآة، ومؤخرا تم تأسيس دائرة للمرأة، أنتم كيف ستبتون في مثل هذه القضايا؟ كيف ستتعاملون مع مثل هذه الإشكاليات؟
– التيار السلفي لا يرى أن هناك إشكاليات، حقيقة بعض القضايا هي تضخم، وتُطرح إشكالية نتيجة أن مثل قضية المرأة أصبحت مرهونة في الخطاب الغربي وفي خطاب المؤسسات والدوائر ذات النفوذ الغربي. بل أصبحت محل شرط في الاتفاقيات الدولية والمساعدات والإملاءات الدولية وكأن المرأة في اليمن امرأة معزولة مظلومة، وإذا نظرنا إلى المرأة اليمنية سنجد أنها من أعظم النساء في العالم مشاركة في تنمية المجتمع، بل لو نظرت حقيقة إلى المرأة اليمنية تجد أن لها مشاركة فاعلة في معظم التنمية والعمل والمشاركة الفعالة في اقتصاد وبناء هذا المجتمع، لكن الإشكالية اختزال نشاط المرأة في نشاط معين وفي فكر معين، وعلى العموم التيار السلفي يؤمن بالكتاب والسنة، ويؤمن بالإسلام عقيدة وشريعة. والإسلام كرم المرأة ولا يمكن أن تهضم المرأة، والمكان الذي يعطي الإسلام المرأة سواء في الحقوق والواجبات لا يمكن للتيار السلفي أن يتجاوزه.
* إلى أي سقف يمكن أن تصل إليه المرأة في العمل القيادي للحزب؟
– منطلقاتنا منطلقات شرعية، نحن ضد المساواة، وأقولها بكل صراحة. بعض الناس يرى أن التمييز يهضم المساواة ونحن من منطلقاتنا نرى أن التمييز يجسد التكامل ويعين على تحديد الوظائف.
فالمرأة لا يمكن أن تساوى بالرجل بالحقوق والواجبات، ولا يعني ذلك هضما للمرأة، وليس هضما للرجل، بل التكريم العادل للرجل والمرأة أن كل واحد منهما يقوم بواجباته ووظائفه واختصاصاته، ويعطى من الحقوق ما يساعده على القيام في ذلك، وهذا ليس عيبا في ديننا ولا نستحيي منه، بل هو دين الفطرة ودين العقل ودين الحق. الذي يدل عليه الحس والواقع والعقل أن المرأة الأنثى ليست الذكر، فيسيولوجيا وأعضاءً.. أنا أتكلم أنها ليست تماثلا وتطابقا وتساويا مطلقا، وبالتالي اختلاف الأعضاء يؤدي إلى اختلاف الوظائف، واختلاف الوظائف يؤدي إلى اختلاف الحقوق والواجبات، ولا أستطيع أن أقول لك في الكيان السلفي أن وظيفة المرأة نفس وظيفة الرجل على قدم المساواة. لكن ستعطى المرأة كل مكان قررته الشريعة الإسلامية وتتلاءم مع فطرتها، بل عندنا نحن في التيار السلفي، نحن بصدد إنشاء هيئة شرعية تكون هي الهيئة العليا، والهيئة ذات السيادة في الكيان بحيث لا تعلوها هيئة، بمثابة الهيئات الدستورية في الدول التي لها هيئات قانونية، ولا مانع عندنا إذا كانت امرأة متخصصة متأهلة شرعا أن تكون مفتية في هذه الهيئة، ويكون قرارها ملزم لكل القيادات.
* هل يمكن أن تكون رئيسة للحزب مثلا؟
– رئيسة لا، لكن يمكن أن تكون عضو في الهيئة الشرعية، وتكون قراراتها ملزمة، ممكن.
* هل يمكن أن تكون مرشحة في الانتخابات؟
– مرشحة لا، لم ينظر بعد، هذه المسألة ليست الآن قرار البت، لكن نتكلم من حيث المبدأ أن منطلقاتنا شرعية، لكن معك زاويتين، إذا نظرنا إلى الترشيح إلى أنه ولاية وهذه المناصب، سواء مجلس النواب أو غيره ولاية فلا يحق للمرأة أن تتولى هذا، وإن نظر إليه كما ينظر إليه بعض العلماء أننا لا نؤمن بأن هذا ولاية وإنما هو من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فبعضهم يُجًوز ذلك لأن المرأة تشترك مع الرجل في هذا الميدان في باب الحسبة.
الموقف السلفي من الثورة
* ينظر البعض إلى السلفيين نظرة سلبية بحكم وقوف الكثير منهم ضد الثورات العربية والثورة اليمنية بشكل خاص، أنتم من مؤيدي الثورة، ما هو تعليقكم على ذلك؟
– أنا أقول إن السلفيين ظلموا، لأنه تيار له اتجاه واضح فلا بد أن يحدد موقفه، وإلا فكل التيارات انقسموا (سلفيين وإخوان وتقليديين وصوفية وزيدية وشيعة)، الذي وقف مع الثورة والذي وقف ضدها.
* لكن ينظر إلى السلفيين بنظرة خاصة..
– لا، فقط برزت بعض الشخصيات، وبعض التيارات، وفعلا هم أساءوا إلى الموقف السلفي، لأنهم برزوا مبررين للاستبداد ومدافعين عن الظلم والظلمة، ومنطلقاتهم شرعية وهي عدم الخروج على ولي الأمر، ونحن نسلم لهم بهذه المنطلقات لكن نخالفهم في إسقاطها على هذا الواقع. الطاعة التي يطالبون بها لهؤلاء الحكام، وأنهم ولاة أمر شرعيون، يخالفهم عامة السلفيين وعامة العلماء بأن الولاية الشرعية في هؤلاء منتفية وإن كان المنطلق صحيح، إذا حقت لهم الولاية الشرعية وصحت وقاموا بما يجب عليهم، أن السمع والطاعة بالمعروف متحتم على الأمة وهذا تقرره القوانين والدساتير في إطار الشرعية، ويلزم الخضوع للحاكم وتنفيذ أوامره وعدم التمرد عليه، لكن على العموم هؤلاء لن يشوهوا موقف السلفيين، فالسلفيون في العموم كان لهم موقف من الثورة وشاركوا وانخرطوا فيها، وحتى من لم يشارك فيها كان دائما معها بفتاواه ومواقفه.
* البعض يتعلل بأن السلفيين وقفوا ضد إرادة شعب؟
– لا أنا ضدهم في هذا الرأي، لكن إذا نظرنا إلى رأيهم، إن الثورة خالطها مواقف وشعارات وتباينات ربما تتناقض مع مبادئ الإسلام، لما يأتي واحد يرفع شعار نريد دولة مدنية، ثم تأتي تقول لهذا الشيخ لماذا تقف ضد الثورة، فلم تكن الثورة بالصفاء الذي يجعل كل المتدينين ينخرطون فيها، وإن كان حقيقة الذي يُعمل فكرة، وينظر إلى المصالح والمفاسد يجد أن هذه النظم باستبدادها، هي أعظم من المفاسد التي لحقت بهذه الثورة، لو نظرنا مثلا إلى الثورة التونسية أو المصرية رغم ما لحق بها من مفاسد إزهاق أنفس، ومفاسد معينة خطابية وفكرية ومادية، لكن مفاسد بقاء هذه النظم أعظم ضررا على هذه الأمة في دينها ودنياها من هذه الثورات، ولذلك بعض العلماء الذين وقفوا موقفاً سلبياً من هذه الثورات، غلب عليهم ترجيح مفاسد هذه الثورات على مفاسد هذه الأنظمة.
* الشعوب الآن تطالب بالدولة المدنية، وهناك على ما يبدو شيء من التلاعب بالمصطلح، البعض يقول إن المدنية ضد العسكرية، والآخر أنها علمانية، أنتم كيف توفقون بين مصطلح المدنية، أي الحضارية والتطور، والمدنية الممارسة رسميا حاليا في دول الغرب، أي العلمانية؟
– يجب أن نضع الأمور على بلاطة كما يقال، ونضع هكذا: كل مصطلح يحاسب إلى عرف قائله، فأنت لما تستخدم مصطلح تقول ما عُرفه عند النحاة، ما عرفه عند السياسيين، فالدولة المدنية في مصطلح السياسيين المعاصرين، وهذا مصطلح سياسي المراد بها التي تقابل الدولة الدينية الدولة الثيروقراطية، ويراد بها إقصاء الدين أن يكون مرجعية أو حكما أو حاكما عل هذه الدولة، وحقيقة أنا ناقشت بعض المفكرين المصريين السياسيين بل أعضاء برلمان مصريين ومفكرين سياسيين، فقالوا حقيقة أن المصطلح يقصد به الدولة العلمانية لكن لخشية العلمانيين في البلاد العربية من إبراز هذه اللفظة التي مجتها الشعوب، جاءوا يعلمنوا الدولة بأسلوب لطيف مموه، لا يشعر الناس بالصدمة، هذا من حيث الأرباب والساسة الذين يريدون هذا المصطلح، وإن كان الكثير من عامة الثوار وعامة البسطاء من السياسيين وعامة الشباب في الساحات يردد هذا اللفظ ولا يعي معنى هذا، وإنما يقصد معناه الدولة المتمدنة المتحضرة.
* من الذي ساهم في إدخال هذا المصطلح إلى الثورات العربية؟
– والله النخب، نخب معينة تدرك ذلك المعنى، مع دوائر خارجية وتشربها كثير من الشباب دون أن يعوا معناها، ولكن نحن نقول دولة مدنية بمعنى تمدن، أهلا وسهلا، لكن ستبقى الشريعة الإسلامية والإسلام هو الحكم والمهيمن على الدولة، وسيظهر مراد هؤلاء من هذا المصطلح عند تحديد هوية هذه الدولة، ومن صاحب السيادة فيها، فإن جعلت السيادة للشريعة الإسلامية فنحن مع هذه الدولة المدنية التي السيادة فيها للشريعة الإسلامية، وإن أقصيت فلا يمكن أن نقبل بهذه الدولة المدنية التي يقصى فيها الإسلام.
* وهذا هو رأي الحزب السلفي؟
– مش رأي الحزب، رأي السلفيين ورأي علماء اليمن كلهم.
الفتنة الحوثية
* هناك قتال في صعدة وحجة بين السلفيين وأهل السنة والحوثيين، من يدعم هذه الحرب برأيك، وهل اليمن مرشحة لفتنة طائفية؟
– أولا تصحيح في السؤال، ليس هناك حرب بين أهل السنة والحوثي، هناك حرب بين جماعة وعصابة مسلحة، وبين قبائل وأبناء الشعب اليمني في تلك المحافظات، سواء قبائل سلفيين زيديين إصلاحيين مستقلين. ولذلك الحوثي يتوسع في حجة والجوف وعمران على حساب مكونات الشعب اليمني كله ويهجر القبائل، وهناك الكثير من قبائل الزيدية مهجرة ومتأذية من الحوثي، فيجب أن نحصر حرب الحوثي على الشعب اليمني وعلى مكونات الشعب اليمني المسالمة.
وأقولها عبر صحيفتكم: ندعو الحوثي إلى وضع السلاح، وندعوه أن يمارس العمل السياسي أو الدعوي، ويرد على الفكر، وسنرد على فكره بفكر، لكن بشرط أن يضع السلاح جانبا، لكن السؤال الذي يوجه إليه من هو؟ ويوجه إلى رئيس الدولة من هو الحوثي حتى يبسط نفوذه وحتى يقيم النقاط، وحتى يعين المسؤولين ويفرض الإتاوات، وحتى يحاصر القرى والمدن ويهجر الناس ويزرع الألغام، وحتى يقتل من شاء ويعتقل من شاء. إلى الآن شباب سلفيين، وشباب إخوان مسلمين، شباب قبائل، إلى الآن أشهر وهم يرزحون داخل سجون الحوثي لا يعرف الناس عنهم شيئا، ما صفات هذا الحوثي القانونية والدستورية، هل هم عصابة مسلحة؟ فلتقم الدولة بمحاربتهم. هل هم عصابة إرهابية؟ فلتحاربه الدولة أيضا، لكن أن يتعامل معه بهذا التعامل الناعم إن صح التعبير وتوضع مصالح الأمة ودماء الأمة..
* مقاطعا.. من يدعم هذه الحرب ومن يستفيد منها؟
– لا يخفى على ذي عينين ارتباط الحوثي وامتداده بالمشروع الفارسي الإيراني، والتعاون الشيعي الرافضي العالمي مع قضية الحوثي سواء في الخليج، في السعودية، في إيران، فالامتداد الرافضي الجعفري هو الذي وراء هذه الحرب وإمدادها وإشعالها.
* السلفيون يقولون إن الحوثي يتلقى الدعم من أمريكا، والحوثي يتهم السعودية بدعم السلفيين، ما مدى صحة هذه التبادلات، ومن هو أحق بدعم الآخر، إيران بدعم الحوثي، أم السعودية بدعم السلفيين؟
– من الذي قام وبدأ بالحرب؟ نحن نقول إننا ضد الارتهان لإيران، وضد الارتهان للسعودية. الإخوة في السعودية تربطنا بهم علاقة جوار ودين وقوم وأرض لكن لا نرضى لا لسلفيين ولا لغيرهم أن يرتهنوا لا للسعودية ولا لغيرها من الدول، وننظر إلى السعودية كغيرها من الدول العربية والإسلامية الشقيقة التي تربطنا بها روابط المودة والحب والجوار والمصالح المشتركة، لكن لا نرضى لأنفسنا أن نرتهن لغير أمتنا ولغير شعبنا.
* كحقوقي، ما هو التوصيف الحقيقي القانوني للحوثي في نظركم كحقوقيين؟
– لو رجعت إلى أي أستاذ قانون، وإذا رجعت إلى القوانين والدستور اليمني، لن تخرج عن أن الحوثي جماعة وعصابة مسلحة مجرمة يجب أن تردع بالسلاح.
* لماذا؟
– لأنها خارجة على شرعية الدولة، خارجة على الشعب، على القيم، على الدين بقوة السلاح، وهذا لا يحتاج إلى جهد في توصيف جماعة الحوثي فهي جماعة خارجة عن الدستور والقانون، وعن الشرعية والشريعة، ويجب على الأمة أن تقوم بحزم أمورها؟
الحوار مع القاعدة
* هناك جماعة تنتهج نفس نهج الحوثي في السيطرة والتسلح بغض النظر عن العقيدة وهي تنظيم القاعدة، فكيف تنظر إلى ذلك؟ وما الفرق بين تنظيم القاعدة والحوثي؟
– نحن لا فرق عندنا في أن العنف الذي يمارسه الحوثي أو تمارسه جماعة القاعدة مرفوض، وإن استهداف العسكريين والمدنيين من أبناء هذا الشعب سواء من جهة الحوثي أو من جهة القاعدة، كله عندنا مرفوض، وندينه، ونجرمه. لكن عندنا تساؤل لماذا يُتعامل مع القاعدة هذا التعامل في هذه الحرب من خلال تجييش الجيش وعدم فتح باب الحوار والتفاهم مع هذه الفئة، في الوقت الذي الحوثي يمارس أبشع الجرائم، ربما أبشع من الجرائم الذي تمارسه القاعدة. ودوائر تسلطه أوسع من تسلط القاعدة، وفي الوقت الذي يمارس جرائمه الدولة لا تحرك أي قوة لإيقاف زحفه على القبائل في الوقت الذي تدعوه إلى الحوار وممثليه يدعون إلى المشاركة في الحوار الوطني، ولذلك أنا قلتها وسأقولها إن هذا النفاق السياسي مرفوض، وهذا يدل على أن القوى السياسية المتنفذة في الدولة لا تتحرك بما تمليه المصلحة القومية ومصلحة الأمة، وإنما تتحرك بقدرات الأمة لمصلحة تمليها إرادة خارجية. فتقول لها توجهوا هنا، وامتنعوا هنا. وإلا ما الفرق بين نازحي أبين ونازحي كشر وعاهم وحجة وصعدة.
* أمريكا برأيك لماذا تتعامل مع الحوثي بهذه الدرجة من النعومة؟
– أمريكا هي أصلا تحسب مصالحها، والتحالف الشيعي العالمي له تماهي وتقارب مع المشروع الصهيو صليبي، يلتقيان ويفترقان، ومما يلتقيان عليه هو محاربة عموم المسلمين أهل السنة في العالم، وربما هذه النقطة ترى أمريكا أن بقاء الحوثيين لإبقاء اليمن تحت أزمة، فالأمريكان يحرصون على إدارة الأزمات لا على حلها.
* أمريكا تشغلنا بأن إيران عدو لدود، بالنسبة لها، وهي تعلم أن الحوثي مدعوم من إيران، لماذا هذا التغافل؟
– هذا غير صحيح، الأمريكان يشترطون على الحكومة اليمنية أن المساعدة المالية والعسكرية التي تقدم لها، يجب أن لا تستخدم ضد الحوثي، الأمريكان يشترطون انخراط الحوثي في العملية السياسية، الأمريكان يدركون أن الحوثيون ضدهم ظاهرة صوتية، لا ظاهرة حقيقة، الموت لأمريكا في الساحة والشعارات، لكن المندوبين الحوثيين في أبواب السفارات الغربية في الخارج والداخل، فالأمريكان مطمئنون من هذا الجانب، وهم يريدون أن يستخدموا الورقة الحوثية، وإن كانوا في الأخير لن يقبلوا الشيعة لأنهم رافضين الكل.. لكن هم يريدون أن يستغلوا الافتراق السني الشيعي لخلق أزمة في البلاد العربية والإسلامية، ليستطيعوا إدارة الأزمة حتى يحققوا مصالحهم من خلال هذا التناقض والتنازع في هذه الأزمة.
* طيب موضوع له علاقة بالأمر بصفة شخصية، اتهمتك بعض الوسائل الإعلامية بارتباطك بعلاقة بتنظيم القاعدة في البيضاء، ما سبب هذا الاتهام، ولماذا أنت بالتحديد، هل للحزب السياسي الجديد علاقة مثلا؟
– هذه أكذوبة كبرى استغلها بعض مخلفات النظام بالموقف الذي كان لي من الثورة بالبيضاء، واستهدفني الحرس الجمهوري ظلما وعدوانا، وقتل عددا من مرافقي، وأنا كوني سلفي وصاحب لحية لا يمكن أن أًُصنف حوثي، التهمة ستكون بعيدة، لا يمكن أن أصنف انفصالي أو حراكي، لكن أنا سلفي والقاعدة متقاربة فكريا إلى السلفيين كما يقولون، فأقرب شيء هو قاعدة. فهذه من الإدعاءات الكاذبة وقد فندناها، لكن الذي يحتاج تحقيق وتدقيق أن يعرف من وراء مثل هذه التسريبات حتى تصرف الأعين والأنظار عن الشركاء الحقيقيين برمي التهم على أشخاص آخرين لا علاقة لهم بهذا التنظيم، ونحن ندعو تنظيم القاعدة، من هذا المنبر إلى أن يكف عن أذاه، ويكف عن حمل السلاح، وعن إشهار السلاح ضد المدنيين وضد العسكريين، وإلى أن ينسحب من هذه القرى، وإذا له مطالب، أن يحددها وأن يفاوض الدولة كما ندعو الدولة إلى إجراء حوار جاد مع القاعدة والنظر في مطالبهم وإطلاق معتقليهم الذين يرزحون في السجون دون محاكمة، لأنه في ظلم من قبل الدولة على كثير من أفراد تنظيم القاعدة لا سيما عشرات بل مئات منهم في السجون بدون محاكمة، وربما هذا الظلم الذي يقع على كثير من أفرادهم هو الذي يدفع كثيراً منهم إلى العنف والانتقام.
* أنت قلت في حوار سابق وتؤكد الآن أن شباب القاعدة مظلومون؟
– أنا أقول إنها تمارس عليهم، وإلى الآن كثير من شبابهم في السجون دون أن يقدموا إلى المحاكمة، في أي ملة؟ في أي دين؟ هذا لا يزيد الأمر إلا تشددا ويولد فيهم العنف. بل أصبح الأمن السياسي لتأهيل هؤلاء الشباب بالعنف. يدخل الشاب ليس له أي ارتباط بهذا التنظيم، ويدخل إلى معتقل الأمن السياسي فيبقى ثلاث أو أربع سنوات، ثم يطلق سراحه فيكون منتمياً إلى تنظيم القاعدة في الدرجة الأولى.
فأصبحت هذه المعتقلات من جهتين: محاضن للتربية لهذا التنظيم، وأيضا بواعث تربي عقدة الانتقام من هؤلاء الشباب من الدولة والمجتمع والجنود والأمن.
* يبدو جليلا أن الدولة متجهة بشكل واضح للحرب على القاعدة، ماذا سيكون موقفكم من هذه الحرب، خصوصا أن حزب الإصلاح الإسلامي سيكون على ما يبدو في مقدمتها من خلال تصريحات بعض أعضائه؟
* نحن لسنا عصا، السلفيون لن يكونوا العصا الذي يضرب بها أي تيار، لا حوثيون ولا قاعدة.. ولن نكون مترساً لا للحوثيين ولا للقاعدة، نحن مع الحل الذي ينطلق من ثوابتنا، من مصالحنا، من رؤية يتبناها أبناء اليمن: العلماء والمفكرون والساسة والقادة والعسكريون والأمنيون، رؤية تنطلق من مصالحنا لمعالجة هذه المشاكل، نحن سنساهم فيها، لكن أن ننخرط في مشروع يدار من الخارج ويريدوني أن أكون مجندا معهم في مصالح، ثم بعد ذلك يودي ببلدي ويودي بمقدراتي في الهاوية، من أجل تحقيق مصالح خارجية فلا يمكن.. اليوم أمريكا تطالب طالبان بالحوار بعد عشر سنوات. ونحن سننخرط في حرب طويلة ثم بعد أن نخسر البلاد والعباد والجند والأمن والشباب سنفكر في الحوار، بعد أن تأذن لنا أمريكا، فلماذا لا ننخرط وندعو للحوار من الآن؟
* ألا تخشون أن تتهموا أنكم جناح سياسي للقاعدة مثلا، بهذا الخطاب؟
– لا يهمنا ولا يخيفنا أي تهمة أن نقول كلمة الحق، هذا النفاق السياسي، كل سياسي يشعر به، لو تسأل أي سياسي يعرف أن موقفه من القاعدة ليس موقفاً منصفاً، كما هو الموقف من الحوثيين، وإنما ينطلق من رغبة الولايات المتحدة الأمريكية، فهي مواقف مجاملة للولايات المتحدة أكثر مما هي مواقف حل لهذه القضايا وهذه المشكلات في الشعب اليمني. فنحن على العموم ندعو الحكومة اليمنية ورئيس الجمهورية وكل المكونات إلى حل قضية الحوثي والقاعدة وقضية الحراك المسلح، يجب أن تكون برؤية متوازية متساوية، ويجب أن تكون برؤية داخلية منطلقة من ثوابتنا ومصالحنا غير مرتهنة لاملاءات خارجية ومصالح خارجية، وهذه الدعوة التي ندعو إليها دعا إليها أعضاء البرلمان قبل أيام.
* من هم، وإلى ماذا دعوا؟
– دعوة إلى الحوار الجاد.. النائب الباشا دعا إليها ، وبعض أعضاء البرلمان دعوا بهذه الدعوة، إلى أن يتحاوروا مع القاعدة كما يتحاوروا مع الحوثي. ونحن مع حل ينطلق من ثوابتنا وإرادتنا، لا حل يملى علينا وينطلق من مصالح الآخرين.
* ما هي أولويات التيار السلفي في المرحلة القادمة خصوصا بعد تشكيل الحزب السياسي؟
* أولى الأولويات هي تقديم رؤية لاتحاد الرشاد اليمني، رؤية سياسية شاملة في القضايا الراهنة والشائكة في البلاد، وتقديمها إلى مؤتمر الحوار الوطني والمشاركة فيه مشاركة فاعلة، هذه أولى أولوياتنا، ثم يعقبها أولويات ترتيب الكيان تنظيميا على مستوى محافظات ومديريات وقرى اليمن، ثم بعد ذلك ننطلق للاستعداد لاستحقاقات المرحلة القادمة في الانتخابات القادمة.
* يعني ستشاركون في الانتخابات؟
– من حيث المبدأ نعم، إلا أن يستجد جديد، حينها ستقرر هيئات الحزب أو الاتحاد غير ذلك.