خلل في التفكير .
بقلم/ الدكتور محمد موسى العامري
( قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنفُسِكُمْ ۗ ) مبدأ قرآني يحيل إلى محاسبة النفوس عند حدوث المصائب و الإخفاقات ، وحاجة الناس إلى المراجعة – وبخاصة التوجهات الإسلامية – بمختلف مسمياتها من الأهمية بمكان ، وضد ذلك خلل في التفكير ، وليست مذمّةً أن يعترف الناس بفشلهم بعد سماعهم لقول الحق في خيار الخلق ( حَتَّىٰ إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُم مِّن بَعْدِ مَا أَرَاكُم مَّا تُحِبُّونَ ۚ مِنكُم مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ الْآخِرَةَ ۚ الآية )
بيد أنّه – ومن تجارب متكررة -أظهرت أنّ كثيراً من الناس لايسلمون بالأخطاء ولايحبون سماع النصح والتقويم، وإرجاع الفشل إلى كسب أيديهم ، ليس لسوء قوالب النصح فحسب ! بل ولوقدمت بألطف العبارات وأفضل الصياغات ، فالمرغوب – غالباً – هو المديح والإطراء والإشادات والإسراف في المجاملات ، وفي كثير من الأحيان تصور الإخفاقات على أنها ابتلاءات من الله وتمحيص لرفعة الدرجات ، ونيل الشهادات ،وتقديم التضحيات ويستبعدون سببية كسب أيديهم بسوء التقدير أوأنانية الحسابات أوضعف الأداء ، ناهيك عن المظالم والتعديات وأنواع الاستطالات والبغي ، التي حتماً تقود إلى كثير من العثرات ، والسقطات ، ومن نافذة أخرى ، يتبين الجنوح إلى تفسير ظواهر الأحداث وفقاً لترجيح عالم الغيب على عالم الشهادة فيحدث الخلل في فهم مسارات الأحداث ، إذ العواطف التي دأب عليها كثير من الإسلاميين في التعاطي مع الأحداث هي التي تجعلهم يتعثرون من حفرة إلى أختها ولايكادون يتراجعون لأنهم يجنحون في الحسابات إلى تغليب منطق الغيبيات على عالم الشهادات مع أن عالم الغيب يتعين الإيمان به كحقيقة دافعة ، ومحفزة ، للعمل والبناء في عالم الشهادة بتدابير الأسباب والمعطيات ، وليس العكس بحيث – إن تحصل شيئٌ من الأسباب المتعلقة بعالم الشهادة ، قدمت للقفز على إثرها إلى تطلعات عالم الغيب في انتظار الخوارق والكرامات ، فذلك التوجه – وفقاً لسنن الله – من الخلل في التفكير .