نصح هادي وصالح والسفير الامريكي رئيس حزب الرشاد .. الحوار سيستمر ولو لم يحضر مكون القضية الجنوبية واليمن تحت الوصاية الدولية
التقاه/ أمجد خشافة:
– دكتور محمد لم يبق إلا ثلاثة أسابيع على انتهاء فترة مؤتمر الحوار، ويبدو أن مخرجاته لا تصب في صالح التيار الإسلامي المشارك في الحوار على الرغم من مشاركته بقوة.. فما الذي استفدتم منه حتى الآن؟
*الواقع الحوار اسمه حوار وطني والمفروض أن يكون الحوار لجميع الشعب اليمني ومصلحته للجميع وليس لمصلحة تيار معين، ولا شك في اليمن أنه شعب مسلم، ومن ثمة فإن مخرجات الحوار الطبيعية يجب أن تكون موائمة مع هوية الشعب وعقيدة ومصالح الشعب، ونحن نعتبر أي مخرج لا يصب في مصلحة الوطن بشكل عام المفترض أن لا يكون من مخرجات الحوار.
التيار الإسلامي لم يشارك بقوة، كما قلت في الحوار، ومن وجهة نظري أنه أقل من حجمه الحقيقي الموجود في الساحة اليمنية.
– بمعنى أن الآخرين أكثر قوة من التيار الإسلامي؟
*بدون شك الهوية العامة للمؤتمر لا يلزم بالضرورة أن يكون الوضع الطبيعي الذي يمثل الشعب اليمني على حقيقته، هناك نخب ليس لها رصيد في المجتمع، ولكن مشاركة في الحوار، وعلى كل حال لابد أن تكون مخرجات الحوار مرضية لجميع أبناء الشعب وأن يكون له قبول من الجميع.
– وحتى إذا كانت تلك المخرجات لا تصب في مصلحتكم كتيار إسلامي؟
*نحن نعتبر أي شيء يصب في مصلحة الوطن بشكل عام يصب في مصلحتنا لأننا جزء من الشعب وجزء من الوطن ولا نبحث عن مصالح شخصية، بقدر ما نبحث عن مصالح الشعب.
– ولكن إقرار الكوتا، وإقرار تقسيم اليمن الى أقاليم، وكذلك تغيير المادتين فيما يتعلق بهوية الدولة، كل هذه ليست من مشروعكم كتيار الإسلامي.. هل تعتقد أن التيار الإسلامي خسر في هذه المواضيع الحساسة وفازت بها التيارات غير الإسلامية؟
* كل هذه المفردات التي ذكرت لم تقر في النظام الأساسي، يجب أن يصوت عليها بنسبة 90%، والذي حدث أن مسألة التصويت لم تتم، وانتقل المتحاورون الى صيغة التوافق، بمعنى أن هذه المواد لم يصوت عليها أعضاء المؤتمر بحيث نقول أنه تم حسمها لصاح الآخرين.
فيما يتعلق بالكوتا دعني أقول لك: إنها منتج خارجي ليس منتجًا محليًّا، فلسفته تقوم على أن الشعب اليمني لا يدرك مصلحته، وأنه مجتمع ذكوري كما يقولون.. أنا اعتبره فرض إرادة خارجية على إرادة الشعب، ونظام الكوتا يتنافى مع المواطنة المتساوية.
ولذلك الدول المتقدمة لا تعمل بنظام الكوتا، وهذا ينطلق من فلسفة عند المتحمسين له بأن الشعب اليمني شعب قاصر لا يدرك مصلحته، ولابد من وضع له حصة إلزامية، وهذا النظام نظام عنصري؛ لأنه يضيع علينا فرصة تكافؤ الفرص، والسبب أنه قائم على الذكورة والأنوثة وليس على الكفاءة. أيضًا نحن شعب مسلم لنا ثقافتنا، ونعتبر أن أدوار المرأة تتكامل مع الرجل ولا تتعارض معه.
ومسألة هوية الدولة الأصل أن لا يكون هناك خلاف في مسألة الشريعة الإسلامية لأننا شعب مسلم والشريعة الإسلامية ليست ملكًا لأي حزب من الأحزاب.
– ولكن حصل خلاف حولها؟
*نعم حصل خلاف، ولكن هناك نظرة مخالفة لما حدث في فريق بناء الدولة، ونحن لسنا بحاجة لمزيد من التصدعات في المجتمع، المشكلة لدينا ليست في الشريعة الإسلامية، المشكلة لدينا في الاستئثار بالثروة والاستبداد بالسلطة، وكذلك لدينا مشاكل في صعدة وفي الجنوب، هذا هو الواقع.
– أسألك بحكم أنك أحد أعضاء لجنة التوفيق.. رُفعت إليكم هذا المشكلة هناك من يقول إنها لم تُحل بسبب وجود مشاكل في لجنتكم.. ما صحة ذلك؟
* بالنسبة للجنة هناك اتفاق مبدئي في لجنة التوفيق مع الرئيس هادي سواء أكانت تلك النقاط التي رفعت من فريق القضية الجنوبية أم من فريق بناء الدولة، ولكن هذا الاتفاق مبدئي وستعود إلى فرق العمل لكي تعيد النظر فيما رفعته.
– فيما يتعلق بالمادتين لم تحل حتى الآن؟
* نعم.. ولكن المسألة محسومة، ولجنة التوفيق شبه متفقة ومتفاهمة على أن الشريعة الاسلامية مصدر جميع التشريعات، والآن بقي أن تعود القضية الى فريق بناء الدولة حتى يعيدوا النظر فيها.
– بخصوص الدستور.. المعروف أن التيار الاسلامي يتحسب لوقت صياغة الدستور وهو الموقف الحساس.. هل تتوقع نشوب حرب باردة بين التيار الاسلامي مع معارضيهم في فترة صياغته؟
* أساس الحوار قائم على أن مخرجات الحوار ستتحول إلى مواد دستورية، وبطبيعة الحال الاهتمام بالدستور مهم عند الجميع، وليس عند التيار الإسلامي فحسب، مخرجات الحوار هي التي ستسند الى لجنة صياغة الدستور ولا يلزم أن تكون مشكّلة من فريق بناء الدولة، وأتوقع أن هناك إشكالات في مضمون الدستور، وأتوقع ان الناس سيتجاوزونها، وأتمنى ألا ننقل أمراض الدول الاخرى الى اليمن، وهي تقسيم المجتمع الى إسلامي وغير إسلامي، ونحن مجتمع كلنا إسلاميون، فلا يوجد عندنا نصارى أو ديانة أخرى سوى اليهود، وهم لا يمثلون أقل من الأقلية، فنحن شعب مسلم ومن الطبيعي أن لا نختلف في هوية الدولة.. الاختلاف أعتبره فخًا ومصيدة للدخول في صراعات وفتن تستفيد منها جهات لا تريد لليمن الازدهار والنمو.
– في الحوار طرحت بعض القوى أن يتضمن الدستور إلزامية مواثيق الأمم المتحدة، بمعنى أن المادتين ليس لهما أية فائدة؟
* العالم كله الذي يتحدث في هذه المواثيق مُقر أن لكل بلد سيادتها واستقلالها فلا يمكن أن تلتزم أية دولة بالمواثيق كاملة، هناك قيم عامة، ولكن هناك خصوصيات لكل دولة، ففي اليمن أي شيء يتوافق مع القيم والدين فلا نخالفه، ولكن اذا تصادمت مع الشريعة، لابد أن نقدم حكم الله على حكم البشر.
– ننتقل الى موضوع الجنوب، وأنت كعضو في فريق القضية الجنوبية.. ما الذي يفعله الفريق بدون مكون الحراك برئاسة محمد علي أحمد؟
– الحقيقة الفريق – حاليًا – متوقف تمامًا، وذلك أن المكونات الجنوبية هي 14 مكونًا سياسيًّا، 13 من هذه المكونات الحراك رفع السقف وطرح الانفصال، وفي التوافق رأى الحراك أنه لا يمكن أن يصلوا إلى موضوع الانفصال، ولذلك صعدوا من مطالبهم، والآن يردون طرح الندية وإشراف دولي، ولكن هذا غير صحيح، فبما أنهم قبلوا بالحوار ولوائحه، فالمخرجات تكون توافقية وليست ندية، وليس من المنطق أن يفرض أي رأي على الآخرين.
– بمعنى أنه لا يمكن أن ينصاع الرئيس هادي أو الحكومة الى مطلب الحراك؟
* أكيد؛ لأن أعضاء الحوار من المناطق الجنوبية يعدون 250 عضوًا، والذين علقوا عضويتهم في الحوار هم 50 عضوًا.. إذن بقي 200 عضو حضروا الحوار، وما زالوا، وهم يمثلون جميع الأحزاب، ولذلك ليس من المقبول أن يكون هناك فصيل من الحراك يحدد مصير الجنوب بأكمله. لكن الآن من المحتمل عودتهم قريبًا.
-إذا لم يرجع الحراك للحوار نهائيًّا.. هل سيعيق الحوار؟
*قطعًا لا.. سيستمر الحوار حتى لو لم يحضر مكون شعب الجنوب، والحوار ليس متوقفًا على فصيل معين.
– بخصوص التمديد الرئيس السابق لوّح في كلمته الأخيرة أن هناك تمديدًا للحوار حتى يتم التمديد لهادي.. ما صحة ذلك؟
*فكرة التمديد لم تطرح بصورة رسمية، لكن هناك قوى سياسية تتوقع أنه يمكن أن يكون هناك تمديد؛ لأن هناك قضايا كثيرة ما زالت عالقة.
*كمؤشرات في الحوار.. هل تسمح أن ينتهي الحوار في وقته المحدد؟
*نحن الآن متأخرون في الحوار ولا أتوقع أن ينتهي في وقت محدد ولا أتوقع أن يكون تمديدًا طويلًا، وقد يصل الى قرابة شهر أو 25 يومًا.
– أنت كرئيس حزب الرشاد.. ما موقف الرشاد من موضوع التمديد؟
* الموضوع لم يطرح بشكل رسمي فمتى ما طرح سنتدارسه في الهيئة العليا للرشاد فيما يتعلق بالمصلحة الوطنية، فليس محل دراسة لدينا الآن.
– إذا لم يحدث تمديد.. هل ينوي الرشاد الترشح للرئاسة؟
*نفس الشيء هذه المسألة خاضعة للظروف، وعندما يتجه الناس للانتخابات أكيد سيكون لنا رأي الذي سيخرج من دوائرنا بطريق شوروية.
– المعروف من حيث التمديد أنه سيحدث، ولكن هناك فكرة في إِشراك بعض القوى في الحكومة القادمة.. هل سيكون الرشاد في الحكومة إذا ما دعي أم أنه يفضل البقاء في المعارضة؟
*اعتدنا في الرشاد ان تكون قراراتنا مؤسسية، وكوضع استراتيجي مثل هذا سيكون في محل دراسة، ولا نستطيع أن نبدي رأيًا في هذا الآن.
– ولكن إذا سألتك كرأي شخصي؟
* هناك دخول هامشي وصوري لا يترتب أي تغيير، وإنما هي عملية تجميلية لحكومة عاجزة عن تلبية رغبات الشعب وهذه مشاركة عبثية، وهناك مشاركة حقيقية، والتي تكون فيها كفاءات فالمشاركة هنا لها حظ في مشاركتها.
– إذا ما تحدثنا عن المشهد المصري، وأنت بصفتك رئيس حزب إسلامي، أن ما حدث في مصر من انقلاب للأحداث وأصبح التيار الاسلامي هو الأضعف ورجع إلى مرحلة الاستضعاف.. ألم ينعكس ذلك في اليمن وأصبح التيار الإسلامي في موقف حرج في وقت بروز مخالب الآخرين؟
*الحقيقة أن مصر لها دوريًّا في العالم العربي والاسلامي وبطبيعة الحال أي تغيير سلبي أو ايجابي سيكون له آثار على المنطقة، ولكن هذا لا يعني ان التجربة سيستنسخ منها كما في البلدان الأخرى، مثلا، الحركة الاسلامية في مصر تختلف عنها في اليمن والجيش يختلف عما في اليمن.
– ما الفروق بين الإسلاميين في مصر وفي اليمن؟
* أعتقد أن الحركة الإسلامية في اليمن خاضت تجربة في السلطة وأقامت تحالفات مع بعض القوى.
– بمعنى أنها أكثر وعيًا؟
* لا أستطيع أقول لك إنها أكثر وعيا ولكن هناك فروقًا، الخصومات الحادة الموجودة في مصر غير موجودة في اليمن، هنا تحالفات بينما في مصر صراع شديد، لكن السؤال هل ستستمر علاقة اللقاء المشترك بهذه الصورة، ولكن هناك فروق بطبيعة العلاقة التي أقامها حزب الإصلاح، مع القوى المختلفة عن حركة الاخوان في مصر مع بقيه القوى هناك.
دعنا نقول إن الاتجاه العلماني في مصر فيه توجه حاد جدا، والعلمانية لا يجد فيها حدية هنا في اليمن.
– ولكن هناك خفوت للتيار الإسلامي في اليمن وضعف، مثلا لم يعد هناك صوت مرتفع لرفض انتهاك السيادة اليمنية، وتغيير الخطاب من الدولة الاسلامية الى الدولة المدنية، وتوطيد العلاقة مع الغرب.. ما الذي تفسر هذا التوجه؟
ضعف الخطاب الشرعي بدأ مبكرا ويعود الى أكثر من عقدين من الزمن، لاسيما بعد الحملة التي قامت بعد أحداث 11 سبتمبر، والتي جعلت الكثير في التيار الإسلامي ينحنون للعاصفة بشكل أكثر من المطلوب، الجانب الثاني غياب القيادات التي لها حصيلة علمية ووجود قيادات لديها ثقافة عامة عن الشريعة الإسلامية وربما أدت عملية التسويق الذي تصدر نفسها أنها الصوت المعتدل للدولة الغربية على حساب الصوت المتشدد، إضافة إلى المناكفات السياسية والتي أدت الى تباينات في المشهد اليمني جعل البعض يتخوف من توظيف بعض التوجهات ضد العمل الإسلامي فآثرت الا التقية السياسية.
– أنت كنائب في هيئة علماء لماذا أصدرتم بيانًا في تفجير حافلة الجوية، ولم تصدروا بيانًا في الغارات الامريكية العشر في أواخر رمضان، والتي قتلت أكثر من 30 مواطنًا.. هل هناك تحول؟
-ليس هناك تحول فالهيئة مستقلة لا تتبع أي حزب ولها عدة بيانات فيما يتعلق بالسيادة والوصاية الأجنبية والقصف خارج إطار القضاء فاكتفت بالبيانات، فقد نشرت الهيئة أكثر من ستة بيانات في هذا الموضوع، فهي ليست تابعة لحزب حتى تصدر كل يوم بيان لكل حدث.
-اكتفاء هيئة علماء اليمن بالبيانات لم يعد يجد نفعًا.. هل لديكم قوى ضغط أخرى لاسيما وأن لكم ثقلًا في المجتمع؟
*نعمل جاهدين أن تعالج الأمور من جذورها، اليمن اليوم تحت الوصاية الأجنبية ولا يمكن أن تعالج بطريقة مبتورة، فالتدخل اليوم عسكري وثقافي وسياسي، ونحن نرفض العنف والقتل والقتال بين الدولة والمواطنين.
– سؤال أخير.. الآن هناك حزب جديد منبثق عن التيار السلفي وهو حزب السلم.. هل سيكون لكم رؤية مشتركة؟
*عندنا في الرشاد خط عام، وهو أن نتعاون مع كافة القوى في النقاط التي تخدم الشعب اليمني في ثوابته ومصالحه فكل تيار لديه معنا نقاط مشتركة لخدمة الشعب ستكون أيدينا إليهم ممتدة، وكلما قرب الينا أي تيار إٍسلامي يجدنا قريبين إن شاء الله.
– ثلاث رسائل توجهها أولًا للرئيس هادي؟
*عليه أن يحل المشاكل بشكل سريع، وليس ببطء لاسيما فيما يتعلق بالشمال والجنوب، وأن تفرض الدولة هيبتها في مدينة صعدة، ثانيا عدم الاعتماد على الحلفاء الغرب إذ لا يمكن أن تكون هناك دولة قوية بدن العمق الشعبي ودعمه.
– الرئيس صالح؟
أنصح الرئيس السابق (صالح)، وأقول له: لقد حكمت اليمن أكثر من ثلاثين عاما، وهي فترة طويلة لها حسناتها وسيئاتها والآن لديك فرصة ذهبية للتفرغ والاستعداد لليوم الآخر، وهي فرصة لنا جميعا فالاشتغال في هذا السن وبعد هذا العمل الدؤوب من الصراعات السياسية بالعمل السياسي ومماحكاته قد لا يكون مناسبا، وأرى – والدين النصيحة – أن أنسب شيء له هو الإقبال على الطاعات ونوافل العبادات وكثرة القراءة في المصحف والتخلص من أية مظلمة أو إساءة لأحد ما أمكن، والتسامح مع من كان بينه وبينهم خصومة من أية جهة كانت، كما أن العمل الخيري في هذا السن هو الأنسب له، من العناية بأعمال الإغاثة ونفع الضعفاء واليتامى والمرضى ونحوهم، ولا بأس أن يكون مستشارا في السياسة للمؤتمر، وأن يكتب مذكراته.. هذه نصيحة أقولها وأنا إن شاء الله صادق وناصح، ولو كنت مكانه لفعلت ذلك وأما الاستمرار في العمل السياسي بعجره وبجره ومناكفاته فلا أنصحه به.
*السفير الأمريكي في اليمن؟
أي عمل يخل في السيادة اليمنية فإنه سيؤدي الى كراهية المجتمع لكم، الناس يقبلون العلاقة مع الأمريكان ولكنها تقوم على المصالح المشتركة وليست علاقة السيد والعبد وعلاقة الوصي على الموصى عليه، فإذ أراد أن يعطي صورة حسنة لأمريكا لدى الشعب اليمني عليه أن يتعامل بالصورة التي يتعامل بها هو مع الولايات المتحدة الامريكية.
…………..