نائب رئيس مجلس شورى الرشاد – عبد الخالق العويري لـ”الناس”: الانقلاب بمصر فضح دعاة الديمقراطية وأنصار الحريات الذين سرعان ما اكتووا بنيرانها فلجأوا إلى الانقلاب العسكري
حاوره/ عامر الدميني
* بعد الربيع العربي اعتنق السلفيون العمل السياسي بعد أن كانوا يجرمونه ويحرمونه في السابق .. فما الذي تغير؟
– الربيع العربي هو عبارة عن نتاج فكرة ونضوجها، والسلفيون دخلوا المعترك السياسي بعد نضج الفكر لديهم، والقناعة التامة بحتمية المشاركة السياسية، والسلفيون كان معظمهم متوقفاً وليس محرماً للعمل السياسي، بسبب عدم جدوى العمل السياسي في السابق، وهناك من لازال متمسكاً بفكرة التحريم للعمل السياسي داخل السلفيين ويقدم أدلة نختلف حولها بين التحريم والإباحة والوجوب، وكل له قوله وهذا الاختلاف متداول ومعلوم من قديم.
* إذاً كيف يجد السلفيون أنفسهم وهم يمارسون العمل السياسي؟
– نحن على ثقة كبيرة بجدارة السلفيين على خوض العمل السياسي، ولدينا تصوراتنا ورؤانا في هذا الجانب، ونحن نمارس العمل السياسي نحن أولئك الذين يمارسون العمل الدعوي المتجرد في أوساط الناس كما كنا ولا زلنا، ونحن واثقون من خطواتنا ونسير إلى الأمام بإذن الله.
* هل لديكم تنسيق مع جماعات سلفية في دولة عربية أخرى؟
– بتاتاً لا، وأكبر البراهين عن ذلك أن السلفيين في اليمن خالفوا حزب النور في موقفه في مصر، فلكل بلد خصوصياته ومعاناته، ولكل حزب مبادئه وأهدافه، ولا يمنع ذلك الاستفادة من الآخر كائناً من كان. ونحن حزب يمني أصيل بأفكار وطنية تستند للشريعة الإسلامية، وتحافظ على أمن اليمن ووحدته واستقراره، ولا نخضع لإملاءات خارجية، أو ننتهج فكراً مخالفاً لمبادئ ديننا أو معاكساً لما يتطلع إليه اليمنيون من مستقبل واعد بالرخاء والأمان، وإنا إن شاء الله على ثقة أن اليمنيين سوف يجمعون على أهداف الرشاد ومبادئه واستراتيجيته الواسعة المستوعبة لمختلف الهموم والقضايا الراهنة والمستقبلية في اليمن.
* ما الذي ستقدمونه من جديد للعملي السياسي في اليمن؟
– نحن ننطلق من الإسلام ونواكب الحضارة الإنسانية وسنستفيد من شتى علومها المدنية والعسكرية بغرض الحصول على نقلة نوعية صناعية واقتصادية واجتماعية وسياسية منافسة ومستفيدة من التكنولوجيا العصرية وما وصلت إليه في المجالات العلمية، ليكون الرشاد وسيكون قادراً بإذن الله على قيادة المستقبل نحو الأفضل والأجمل متفرداً أو مشاركاً بحسب ما تقتضيه المصلحة العامة.
* هل تفكرون بالالتحاق والدخول في تحالف اللقاء المشترك؟
– نحن الآن بعيدون عن اللعب السياسية والمماحكات الحزبية، والأيام سوف تأتي بالكثير وهذا شيء راجع لقادة الحزب، وبشكل عام الآن نستكمل بناء الرشاد على أسس علمية حديثة ليستطيع فعلاً أن يوجد لليمن دولة رشيدة مبنية على أسس عملية رائدة ونهضة تنموية شاملة تحقق العدالة الاجتماعية وتحمي الحقوق الشخصية والسياسية وتضمن الحريات التي كفلتها الشريعة المحمدية وفطرت عليها النفوس البشرية.
* ما طبيعة علاقتكم بالإصلاح؟
– العلاقة بالإصلاح هي علاقة بالحق؛ من قام به نصرناه ومن دعا إليه أيدناه، وهذا هو المبدأ الذي ننحاز إليه والذي نسير عليه. والإصلاح حزب عريق له قيمه ومبادئه نتفق معه ونختلف معه مثل غيره من الأحزاب والقوى السياسية، لكن نحن مستقلون في سياساتنا وأطروحاتنا.
* هل حققت الثورة الشعبية أهدافها في اليمن؟
– الثورة الشعبية أو الثورة الشبابية كما يطلق عليها البعض، لديها الكثير من الأهداف، جزء كبير منها تحقق، والبقية في الطريق إن شاء الله، وستتحقق تدريجياً، والمرحلة القادمة سوف توضح ذلك فلا نستعجل بالحكم عليها بنعم مطلقاً أو لا.
* كيف يقيم السلفيون أداء الرئيس هادي؟
– الرئيس هادي هو مدير الحلبة وفارس ميدان الفترة الانتقالية له حلوها وعليه مرها. وهي فترة قصيرة وضيقة، ويتخللها مماحكات سياسية، وأدوار خارجية فرضتها ظروف المرحلة وخارطة الطريق التي جمعت عدة أطراف، ونحن ندعو له بالإعانة والتوفيق ونقف معه على حد سواء لإنجاح هذه المرحلة ولا نعيقه من ممارسة صلاحياته وتوفير الأمن والأمان والتنمية للمجتمع والحفاظ على مكتسباته وعدم الانجرار أو التهاون فيما يؤدي إلى التنازل عن عقيدة الشعب اليمني ومبادئه. والرئيس الآن بحاجة ماسة إلى كادر سياسي مؤهل علمياً مخلص وصادق ونظيف، يعمل على تلبية مطالب الشعب والمواطن (الغلبان) في رفع الظلم والتعنت عنه، ويوفر له حياة مطمئنة.
* كيف تقيمون أداء حكومة الوفاق؟
– نتعاطف معها من ناحية، وننتقدها بدون إفراط أو تفريط، كذلك نتعاون معها لأن هذا واجبنا، وما لديها من أخطاء أو سلبيات ندرسها ونقيمها، وفي نفس الوقت ننفي عنها ما يلفق لها من تهم هي بريئة منها، وحكمنا على حكومة الوفاق أو غيرها دائماً نابع من مبادئنا النبيلة التي لا يمكننا الحياد عنها أو الميل بها.
* لماذا رفضتم في مؤتمر الحوار المادة المقترحة في الدستور الجديد بأن الإسلام دين الشعب؟
– حزب الرشاد من مبادئه أن الإسلام دين ودولة عقيدة وشريعة ومنهج شامل للحياة، وهذا من أصل ديننا الحنيف الذي فيه سعة لأن يعيش الإنسان كريماً معززاً، والإسلام لا يتعارض أبداً مع ما ينفع الإنسان ويحييه الحياة الطيبة والآمنة لأنه طريق لرقي الأمم وتحضرها ولا خلاف إن شاء الله على ذلك.
* ما طبيعة العلاقات بينكم وبين السعودية؟
– علاقتنا بالمملكة العربية السعودية هي جزء من علاقة الشعب اليمني، تتأثر بمؤثراتها الإيجابية أو السلبية وتتفاعل معها، لكن الروابط المتينة قادرة على تحمل الصعاب، وهي قائمة على الود والإخاء والجوار والمصالح المشتركة، وهذا ضمين للاستمرار وموجب للبقاء فالمصير واحد، ونتمتع بالاستقلالية في مواقفنا والحيادية للحق مهما كان، وروابطنا مع الجميع قوية ومتينة قادرة على تحمل الصعاب وسوف تبقى مدى الزمن إن شاء الله.
* ما حقيقة الصراع بينكم وبين الحوثيين؟
– الحقيقة أنه لم يكن هناك صراع خاص بين السلفيين والحوثيين في محافظة صعدة أو غيرها من محافظات الجمهورية، وعندما دارت رحى الحروب الستة في صعدة بين الحكومة والحوثيين كان السلفيون على مسافة بعيدة عن تلك الأحداث بغض النظر عن المصيب فيها والمخطئ، وكان من مخرجات هذه الحروب ظهور عسكري واضح المعالم للحوثيين أعقبه سيطرة على معظم مناطق صعدة، وقاموا بمحاربة أي فكر وإقصائه بالقوة، وهذا خطأ فادح! والسلفيون جزء من نسيج هذا الشعب اليمني لهم حقوق وعليهم واجبات، ومن حقهم مطالبة الحكومة بحمايتهم وحماية جميع اليمنيين من أي عدوان موجه إليهم.
* لماذا؟
– لأنهم بإذن الله لا ولن يتعدوا على أحد من أبناء وطنهم الحبيب وهم منهم أكثر الناس علماً وعملاً بحدود الشريعة التي حرمت الدماء الزكية وهم متواجدون في ديارهم ومناطقهم لا يتعدونها إلى غيرها ليلحقوا الأذى بأي كائن كان، فهم دعاة إلى الخير والرحمة والمحبة.
لذلك وجب على الحكومة ممثلة في فخامة الأخ/ رئيس الجمهورية وحكومة الوفاق الوطني حمايتهم وحماية جميع أبناء الشعب اليمني بدون استثناء من أي عدوان قد يطالهم سواء كان داخلياً أم خارجياً، وذلك شامل لجميع أبناء الشعب على حد سواء. وإذا حصل شيء من الدفاع عن النفس سواء بالكتابة أو البيان أو ما شابه ذلك من الطرق المشروعة بما يحفظ للإنسان أمنه وكرامته واستقراره وبما لا يتجاوز الحدود أو يتعداها فهذا شيء معلوم.
* لكن الصراع بينكما كطرفين استمر؟
– كما أسلفت.. الخلاف مع الحوثيين هو شيء حاصل من جملة الشعب اليمني؛ لأن السلفيين ليسوا جزءاً من لعبة الحروب، والخلاف في المنهج وارد واليمن بها كثير من المصلحين والناصحين والساعين إلى درء الفتن وإزالة المحن وسوف تحل جميع المشاكل إن شاء الله.
* لكنكم أصبحتم تنفذون حرباً بالوكالة بصراعكم مع الحوثيين الذين تدعمهم إيران والسعودية التي تدعمكم، وكلتا الدولتان بينهم اختلاف واضح؟
– الحقيقة الجلية أن السلفيين لا يستمدون ولا يتلقون إملاء من أي دولة كانت، وهم ليسوا أدوات لأحد، وليسوا دعاة حروب أو فتن، ولمن قال هذا القول نقول له “ثَبّت عرشك ثم انقُش” لأن الدعاوى إذا لم تكن لها بينات فأهلنا أدعياء.
* لا تزال القاعدة في اليمن بنظر الغرب تشكل خطراً على مصالحه، كيف تنظرون لهذا الأمر؟
– تنظيم القاعدة في اليمن وسائر العالم له وجود، ويحتاج الأمر إلى معالجات حقيقية ومنصفة قائمة على معطيات بناءة وحوار عميق يدرس أسباب النشأة لكي يعالج آثارها، قائم على ميزان معتدل يدعو كل طرف أن لا يتجاوز حدوده ويعالج ما لدى التنظيم من الوسائل الخاطئة وينصفه في الوقت ذاته، وإن لم يحدث مثل هذا سيستمر الخطر ويتضاعف وتختفي الحلول والله أعلم.
* وبالنسبة للدعوة للانفصال التي يتبناها بعض التيارات في الحراك الجنوبي؟
– الموقف السياسي معلن في رؤية حزب الرشاد للقضية الجنوبية وارجع في ذلك إلى وسائل الإعلام التي نشرت موقفنا من القضية الجنوبية.
* لماذا تعملون على إدخال الأجانب إلى صعدة؟
– أنا أعجب والدهر كثير العجب مما يردده بعض الحاقدين والحاسدين وأصحاب المآرب الخبيثة عن قيام السلفيين بإدخال أجانب إلى محافظة صعدة، يا أخي الكريم! السلفيون ليس لهم مطار خاص، أو نفق تحت البحار يُدخلون عن طريقه الأجانب الذين يتحدثون عنهم حتى يصلوا إلى صعدة أو دماج، بل إنهم يمرون عبر مطار اليمن الدولي بإجراءات رسمية ووثائق صحيحة.
* لماذا يأتون إلى صعدة؟
– يأتون إلى صعدة كطلاب لتعلم ودراسة الكتاب والسنة والعلوم الشرعية، وهذا التعليم يخضع لموافقة ومراقبة الحكومة سواء في النظام السابق أو الحالي، لكن البعض من مرضى النفوس يعملون على تزييف الحقائق وقلبها، وإظهار دماج بغير الوضع الذي تعيشه، وهم بذلك يغطون على جرائمهم ومخازن السلاح التي يكدسونها، ويغازلون المنظمات الدولية للفت انتباهها بوجود أجانب في دماج، لكن عليهم التفريق بين شخص جاء لتعلم العلم الشرعي ويعيش مسالماً أعزل وبين آخر يقف على النقيض من ذلك.
* هل ما حدث في مصر في 30 يونيو ثورة شعبية؟
– نحن في الرشاد أصدرنا بياناً أوضحنا فيه موقفنا من ذلك الانقلاب ودعينا الشعب المصري إلى ضبط النفس وحرمة الدماء المصرية.
* هل من الممكن أن يتكرر انقلاب العسكر في مصر باليمن؟
– لا. وذلك لأن الجيش اليمني مختلف عن غيره والشعب اليمني شعب يملك السلاح كما يملكه الجيش.
* لماذا التكالب الدولي لإسقاط نظام الإخوان في مصر؟
– التخوف من الأحزاب الإسلامية من قبل بعض القوى ربما لأن الإسلاميين سوف يكونون أنجح من غيرهم إذا أتيحت لهم الفرصة الكافية لإظهار ما لديهم من مشروع سياسي. فهناك تخويف إعلامي وتصوير وتشويه للمشروع الإسلامي، وهناك عداء عالمي واضح لهذا المشروع وكذلك عداء داخلي متجذر في الداخل ومناهض لهذا المشروع، وما ظهر من أخطاء في مصر أثناء حكم الرئيس مرسي ليست سوى أخطاء بسيطة تم تضخيمها واستثمارها ضده بكل الأشكال، وقد فضح الانقلاب بمصر دعاة الديمقراطية وأنصار الحريات الذين سرعان ما اكتووا بنيرانها فما استطاعوا لها صبراً ولذلك لجأوا إلى الانقلاب العسكري.