فرق بين السلالي و السلالة
أحمد المقرمي
من حق كل يمني حر أبي أن يحذر من المشروع السلالي، و من كل من يرون ذلك الرأي المتوارث من لدن الهادي الرسي، الذي راح يتعسف في أن يؤصّل لنظرية سياسية يحتكر بها الدنيا؛ ليجعلها و أهلها تركة يتملكها و يتصرف بها و بنوه كيفما يشاؤون، باعتبار ذلك حقا إلهيا نالوه دون العالمين بزعم ٍ راحوا يروجونه لأنفسهم، مع أنه لا ينهض بدليل أو حجة، أو حتى شبه حجة، و إن زعموا لأنفسهم – كما أعلن الحوثي قبل بضع سنوات و بكل جرءة و غرور – أنهم قرناء الكتاب !
شهد هذا الادعاء بالحق الإلهي تهافتا مبتذلا، خلعت معه هادوية صعدة هادوية اليمن – و أصبحت اثنا عشرية – كما خلعت الهادوية ُ الزيدية من قبل .
لسنا بصدد مناقشة ادعاء الحق الإلهي؛ هذه الفرية الطّوّافة زحفا بلا منطق، و حبوا بلا أقدام، و ادعاء بلا بيّنة، و لكنا بصدد القول إن من الضرورة بمكان أن نفرق بين من يذهب لتقرير بل و فرض تميز سلالي مطلق لأشخاصهم، إلى حد أنه مهما كان سيء الطوية، خبيث النية، فاسد العمل، بذيء القول، فإن عرقه السلالي يشفع له و يجعله سيد الأولين و الآخرين و بني آدم أجمعين إلى يوم الدين.
هذا فهم لا يقول به عقل سوي، أو منطق سليم، فضلا عن دين بيّن بكل حسم و جزم و وضوح ( يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر و أنثى و جعلناكم شعوبا و قبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم ) و لو أن المسألة عرق أو نسب لما كانت هناك سورة قرآنية تتوعد أبا لهب عم الرسول صلى الله عليه و سلم، و هو الشخص الوحيد الذي ذكر بكنيته الشهيرة في الكتاب العزيز، إذ لم يذكر القرآن الكريم من قريش أو غيرها أحدا غير أبي لهب بكنية واضحة أو اسم في معرض التوعد أو التنديد، و إن ذُكر من سابقي الأمم كثيرين ( تبت يدا أبي لهب و تب).
لكن ما تريد هذه السطور قوله، أنه لا بد من التفريق بين من يزعمون لأنفسهم حقا إلهيا مخصوصا، و يدعون لها أفضلية بلا تقوى أو عمل، و يسلكون لفرض هذا الزعم بقوة السلاح؛ و بين طرف آخر من الهاشميين الذين لا يرون قيمة للنسب ما لم يصدقه العمل؛ لأنهم جميعا – أو هكذا يفترض- يعلمون أن التميز و السبق بالتقوى، كما يدرك أطفال المسلمين أن الرسول صلى الله عليه و سلم حذر فاطمة ابنته من أن تتّكل على بنوتها له( يا فاطمة اعملي فإني لا أغني عنك من الله شيئا ) و حتى لا يتكل ذوو قرابته على هذه الصلة فقد بادرهم بالتنبيه المبكر( لا يأتيني الناس بأعمالهم و تأتوني بأنسابكم ).
فإذا كان الحوثي و من على شاكلته يعيشون في غيبوبة تلكم المزاعم، إلى حد أنهم أطلقوا الوصف على أحدهم بأنه قرآن ناطق! و هو وصف لم يتجرأ – بحسب علمي – أحد قبلهم بإطلاقه على أحد، لكن في المقابل هناك ممن ينتسبون لآل البيت لا يرون هذه المزاعم و لا يقرّون لادعاءات باطلة و هو ما ينبغي معه أن نفرق بين الدعي و السوي( إن أكرمكم عند الله أتقاكم ).
و إذن فمن المهم ألا نذهب إلى التعميم الذي يجعل كل من ينتسب لبني هاشم في قفص الاتهام، و توجيه القصف على الجميع، ثم إن التناولات لا ينبغي أن يستهدف نسبا أو سلالة ما، و إنما تستهدف الأفكار المريضة و الادعاءات الباطلة التي تصل عند من هم على شاكلة الحوثي إلى حد الخرافة.
إلا أن على أولئك ممن ينتسب لبني هاشم و هم ضد تلك الادعاءات التي يقتات عليها الحوثي و من معه، أن يكون لهم دور بارز في تنقية ساحتهم من افتراءات الحوثي.