الوعي والثقافة في ضوء الإسلام: ضرورة لا ترف:
بقلم / د. صلاح الكلدي
الوعي والثقافة ركيزتان أساسيتان في بناء الفرد والمجتمع، إذ لا تنهض أمة إلا بعقل متقد ووعي مستنير.
قال الله تعالى:
﴿قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ﴾
هذه الآية الكريمة تضع أهل العلم والمعرفة في مكانة سامية، وتدل ضمناً على فضل الثقافة وسعة الإدراك والوعي بالواقع وتحدياته.
كما دعا الإسلام إلى التأمل والتفكر، فقال تعالى:
﴿إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾؛
وفي ذلك حثٌّ صريح على استخدام العقل وتحليل الواقع، وهما من أركان الوعي الحضاري.
النبي صلى الله عليه وسلم قال:
«من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين».
والفقه لا يقتصر على الأحكام، بل يشمل فقه الواقع، وفهم النفس، والقدرة على التعامل مع التحديات المتغيرة.
إن المثقف الواعي هو من يسعى لفهم دينه ودنياه معًا، ويستخدم ثقافته في خدمة القيم، لا في هدمها، وفي بناء وعي مجتمعي، لا تضليله. والوعي ليس تكديس معلومات، بل هو القدرة على الربط بين المعرفة والسلوك، بين المبدأ والتطبيق.
وفي زمن تتسارع فيه الأحداث وتكثر فيه الشبهات، يصبح الوعي حصنًا من الفتنة، والثقافة نورًا في زمن التزييف، ولذلك قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه:
«تعلموا العلم وتعلموا للعلم السكينة والحلم» [الآداب الشرعية، لابن مفلح 2/44].
ولهذا فإن ترسيخ الوعي والثقافة ليس ترفًا فكريًا، بل هو واجب شرعي، ومسؤولية اجتماعية، ووسيلة لإعمار الأرض كما أراد الله تعالى.