القضية المأربية .. الحرمان والتغييب الممنهج اتحاد الرشاد اليمني (فرع مأرب)
الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله محمد بن عبدالله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين أما بعد:
نبذه تاريخية:
محافظة مأرب وأرض سبأ والتي تبلغ مساحتها حوالي (17405)كم2 تتوزع في 14 مديرية وتعتبر مديرية مأرب الوادي أكبر مديريات المحافظة مساحة. فيما بلغ إجمالي عدد السكان المقيمين في المحافظة (412.985) حسب تعداد 2008م ومعدل النمو 3،1. ويشكل سكان المحافظة ما نسبته 1.9% من إجمالي سكان الجمهورية، ومدينة مأرب مركز المحافظة وعدد دوائرها الانتخابية 3 دوائر فقط بنسبة تمثيل 0.9 %، تعد الزراعة النشاط الرئيس لسكان المحافظة، إذ تحتل المرتبة الثالثة من بين محافظات الجمهورية في إنتاج المحاصيل الزراعية بنسبة (7.6%) من إجمالي إنتاج المحاصيل الزراعية بعد محافظتي الحديدة وصنعاء، وأهم محاصيلها الزراعية الفواكه والحبوب والخضراوات، ويوجد في أراضيها بعض المعادن من أهمها الجرانيت، الاسكوريا، الملح الصخري، الجبس، الرخام والتلك. وتعد محافظة مأرب أولى المحافظات اليمنية التي اكتشف فيها النفط، وبدأ إنتاجه في عام 1986م. ومن أهم معالمها السياحية سد مأرب القديم ومعبد الشمس ومحرم بلقيس، وأهم مدنها صرواح وحريب. كما أنها المحافظة الوحيدة في اليمن التي بها إنتاج الغاز البترولي والغاز الطبيعي، وتعتبر الثالثة يمنياً من حيث إنتاج النفط، وفيها مصفاة صافر ومحطة الكهرباء الغازية التي تغذي صنعاء بينما تقبع مديريات مأرب في الظلام.
وتضخ محافظة مأرب مليارات الريالات إلى خزينة الدولة من إنتاج النفط والغاز بينما لا تكاد موازنتها السنوية تغطي مشاريعها التنموية المختلفة والمتعثرة.
وقد استوعبت محافظة مأرب العمالة العائدة من دول الخليج في الكثير من فرص العمل وجسد الماربيون صور التسامح والعيش المشترك.
ومع كل هذا العطاء الفياض لم تسلم المحافظة ولا أبناؤها من التشويه المستمر والمتعمد على مدى عقود من الزمن بألبس وثياب مختلفة ومتنوعة وبحسب الحاجة والزمن؛ فتارة إحدى زوايا مثلث الشر وأخرى مأوى للإرهاب وتارة منارة للتخريب والتقطع حتى أصبحت في نظر أبناء الوطن الواحد مجرد قطاع ومجرمين لا يستحقون حتى العيش، وساهم هذا الضخ الإعلامي في إبراز بعض الظواهر السلبية لدى بعض أبنائها من صعوبة التعامل مع الآخر واللجوء إلى طرق مخالفه للمطالبة بحقوقهم بعيداً عن قيم المأربيين وعاداتهم وتسامحهم.
ومع ضعف القدرات للإنسان المأربي الخارج من الصراعات الاجتماعية وألاعيب الساسة فقد الكثير من حقوقه وظهرت المطالب الحقوقية لأبناء مأرب.
تمهيد:
أولاً: يجب أن نذكر الجميع بأننا ونحن نستعرض حقوق أبناء محافظة مأرب ونطالب بها ونؤيد الحل الجذري للقضية المأربية ونسعى ونبذل الجهد لأجله, إلا أن القضية المأربية هي قضية حقوقية لا تتجاوز ذلك؛ إذ يبحث أبناء محافظة مأرب عن التوزيع العادل للثروة والمشاركة الفاعلة في إدارة الدولة والعيش الكريم والخدمات الملائمة والأمن والاستقرار.
ثانياً: إننا ونحن نطالب بحقوق أبناء مأرب لا يعني أننا ننأى بأنفسنا عن هموم أبناء شعبنا اليمني في كل محافظاته فنحن مع حقوق الجميع ومع الحل لكل القضايا اليمنية بشكل عادل ومرضٍ لأبناء اليمن جميعاً.
إلا أننا وبطبيعة الحال والانتماء إلى المحافظة يحتم علينا هذا الانتماء مزيداً من الواجب نحوها لتبني قضايا أبنائها والمطالبة بحقوقهم.
أولاً: جذور القضية المأربية
مرت القضية بمراحل نوجزها في التالي:
-المرحلة الأولى:
هي نتيجة لتراكم المعاناة والأخطاء والسياسات الممنهجة ضد أبناء مأرب منذ اكتشاف النفط حتى اليوم، وهذه المعاناة شملت شتى جوانب الحياة.
-المرحلة الثانية:
شعر أبناء مأرب بالاضطهاد والحرمان والإقصاء والتهميش المتعمد وسلب الحقوق منذ فترة طويلة، وعند قيام الوحدة اليمنية وضع أبناء مأرب أول لبنة لعملهم النضالي من أجل إزالة الظلم والإجحاف الذي لحق بهم من خلال المشاركة في مؤتمر سبأ عام 1991م.
-المرحلة الثالثة:
وقضية محافظة مأرب الحقوقية مرت بنضال سلمي ظهر بشكل أوسع في20/11/2007م، وخرج بـ 22 مطلباً حقوقياً للمحافظة.
وكان انطلاق ملتقى أبناء مأرب الشعبي كقيمة إنسانية ونضالية تجسد إرادة أبناء مأرب ومؤمنة بحقوقهم وتطلعاتهم المشروعة.
ولا ينسى جهود كل المأربين على مختلف توجهاتهم وبحسب مواقعهم في المطالبة بحقوق المحافظة.
وللأسف الشديد فإن السياسات الخاطئة حاولت تفكيك النضال في سبيل استعادة الحقوق المنهوبة وإبراز القضية المأربية التي يحاول البعض تجاهلها وغير مدركين خطورة التجاهل ببعده السياسي والاقتصادي.
لكن القضية المأربية مازالت واستمرت وأشهرت “القضية المأربية” أمام رئاسة الوزراء من قبل أبناء مأرب 1/1/ 2013م.
وقد أطلق أبناء مأرب بيانهم للرأي العام. البيان تلو الآخر مصاحباً للوقفات الاحتجاجية والرسائل الإعلامية الموجهة إلى حكومة الوفاق ورئيس الجمهورية والمجتمع الدولي ورعاة المبادرة الخليجية.
ومن خلال دراسة تلك المراحل لقضية مأرب فتعود جذور قضية محافظة مأرب بشكل مختصر إلى:
– غياب التنمية الشاملة عن المحافظة.
– تدمير الأرض والإنسان نتيجة انبعاث الغازات السامة والملوثة الناتجة عن عمليات استخراج النفط والغاز.
– غياب الأمن وحماية المصالح.
– الإقصاء لأبناء مأرب في التمثيل بصنع القرار السياسي.
– الحملات الإعلامية الشرسة لتشويه صورة أبناء مأرب لدى الرأي العام المحلي والدولي.
-استمرار حرمان مديريات محافظة مأرب من الطاقة الكهربائية رغم وجود المحطة الغازية فيها علماً أن 90% من مديريات مأرب في ظلام دامس.
-الأساليب والممارسات الوحشية والهمجية تجاه السكان المدنيين بحجة ملاحقة المطلوبين أمنياً.
– استخدام مأرب كمسرح لتصفية الحسابات السياسية وتنفيذ أجندات خاصة.
– سياسة التجهيل المتعمد ضد أبناء مأرب.
-حب الظهور وثقافة (أنا فقط) والنزعة المناطقية وعدم قبول الآخر واحترام رأيه.
-أن واقع مأرب أرضاً وإنساناً هو بسبب سياسة الجيل القديم الذي جعل من مأرب (بورصة) لتحقيق الأرباح والحصول على النفوذ والغنائم.
ثانياً:محتوى القضية المأربية
قضية هي قضية الأرض والإنسان والتي هي قضية تمثل كل أبناء مأرب بمختلف أطيافهم وتكويناتهم الاجتماعية. وتتمثل في الآتي:
1.الحرمان من الحقوق وعلى رأسها الحق في المشاركة في القرار السياسي والتوزيع العادل للثروات التي تنهب من المحافظة ولا يخصص شيء منها لأبنائها.
2.الفقر والجهل. وهذا نتاج لما سبق ونتاج لسياسة التجهيل.
3.الثارات القبلية والتي ولدت صراعات دائمة والتنافر والخوف والتشتت والفرقة بين أبناء مأرب وهذه الثارات نتج عنها المئات من القتلى والجرحى وضياع حقوق وخسارة أموال وممتلكات.
4.تفشي الأمراض الخطرة والأوبئة بين الناس وتلوث البيئة وتدمير الأرض وإهدار الثروة المائية بسبب أعمال الشركات النفطية في مأرب، وهذه خلفت المئات من الضحايا والمتضررين والآلاف من الهكتارات الزراعية المتضررة.
5.إقصاء أبناء مأرب من تولي أي أعمال أو مناصب عليا أو متوسطة في الدولة سواء في الجانب المدني أو العسكري وإن وجدت حالات فهي نادرة والنادر لا حكم له.
6.ولم يقتصر الإقصاء على الدولة فقط بل إن الشركات العاملة في مأرب نسبة الموظفين فيها من أبناء مأرب لا تتجاوز 1%.
7.الحملات الممنهجة التي تستهدف أبناء مأرب وتعمد إلى تشويه سمعتهم وهذه انعكست على تعامل معظم أبناء الشعب اليمني مع أبناء مأرب بشكل سلبي.
8.وفي الجانب التنموي فالبنية التحتية تكاد تكون غائبة لا وجود لها في هذه المحافظة (أسوة بكثير من المحافظات اليمنية..!!).
9.حتى الجغرافيا في مأرب تم تغيير معالمها والتلاعب بها من خلال التقسيم الإداري الجائر والتوزيع الانتخابي اللامعقول.
10.نشر معسكرات الجيش في مأرب حتى أصبح عدد العسكر يقارب عدد سكان المحافظة، ولم نجد الأمن والاستقرار واقعاً بل كان لفرض حالة من القمع والتهديد وإثارة الرعب وخلق المشاكل ولتأمين مصالح فئات معينة وأشخاص معينين ولمصادرة حق المواطنين في الانتخابات.
11. كل ما سبق وغيره الكثير هو الذي خلق قضية اسمها القضية المأربية، ولمن يقول إن المال وحده سوف يحل جميع القضايا فهو مخطئ لن يحل مشكلة من المشاكل المذكورة أعلاه.
ثالثاً: المسارات والحلول للقضية المأربية
– مسارات الحلول العامة:
1.الاعتراف بحقوق أبناء مأرب ومطالبهم مع وجود نية صادقة لحل ومعالجة كافة القضايا التي تشكل في مجملها القضية المأربية، ورصد نسبة محددة من عائدات الثروات التي تنتجها مأرب تعود لصالحها يتفق عليها بين أبناء مأرب جميعاً باختلاف توجهاتهم السياسية وانتماءاهم القبلية مع السلطة المحلية.
2.إعطاء أبناء مأرب الحق في اختيار التقسيم الإداري الذي يناسبهم في شكل الدولة القادمة وتضمين حقوقهم وحلها في مقررات الحوار الوطني.
3.مراجعة التقسيم الانتخابي لمحافظة مأرب في مجلس النواب وتخصيص أعضاء بنسبة محددة في مجلس الشورى بما يتلاءم مع وصفها الاقتصادي .
– مجالات الحلول للقضية المأربية:
1.ضرورة المشاركة العادلة لأبناء مأرب في صياغة بناء الدولة وصياغة الدستور الجديد.
2.دمج أبناء مأرب في القوات المسلحة والأمن بنسبة عادلة وتعويضاً لهضمهم خلال السنوات الماضية في هاتين المؤسستين للقيام بمسؤولية الدفاع عن المصالح العامة، ومحاربة الإرهاب والتطرف من أي جهة كان، والحفاظ على المصالح الحيوية، وتحقيق الأمن والاستقرار، والحد من الخسائر التي تكبدها الاقتصاد الوطني والتي وصلت إلى مليارات الدولارات.
3.توفير الخدمات العامة والحديثة لأبناء مأرب بما في ذلك التعليم العام والجامعي والتقني وإصلاح ما أفسدته السياسات المتبعة تجاه أبناء مأرب.
4.إعادة كل القيادات العسكرية والأمنية المتقاعدين والمسرحين من وظائفهم إلى مواقع تليق بهم.
5.رفع ومضاعفة الموازنة العامة للمحافظة لهذا العام وتوريد نسبة من ضرائب مصفاة وموظفي صافر إلى خزينة المحافظة.
6.إلزام الشركات النفطية والغاز بتحديد مخصص من أرباحها للمحافظة وتأهيل ما لا يقل عن خمسمائة طالب بمنح دراسات جامعية وعليا، وتوفير فرص عمل في الشركات لأبناء المحافظة وتقديمهم على غيرهم، ودفع تعويضات عادلة لأصحاب المزارع والآبار والبيوت والقرى التي تضررت بيئتنا من إنتاج تلك الشركات للنفظ الغاز.
7.إلزام شركة الغاز برفع مخصص التنمية الاجتماعية إلى 40 مليون دولار سنوياً واحتساب إنتاج شركة صافر منذ الإنتاج واستحقاق مأرب من ذلك وصرفه بأثر رجعي حيث أن عائدات شركة هنت وصلت إلى 18 مليار دولار منذ إنتاج النفط والطاقة ننتج 400 ميجاوات إيرادات الكهرباء تخصص للمحافظة 5% للبيئة والتنمية الاجتماعية.
8.إلزام شركة صافر بنقل كل مخلفات تفجيرات الأنبوب التي تقع في ممرات السيول لما لها من خطورة على التربة والبيئة.
9.بناء مدينة سكنية للشباب ومحدودي الدخل.
10.تجهيز مستشفيات مركزية وتوفير كل المستلزمات وبما يوفر الخدمات الصحية المتكاملة للمواطنين.
11. تعويض أسر قتلى الثارات القبلية تعويضاً عادلاً باعتبارهم فقدوا أبناءهم ومن يعولهم والدولة تتفرج على تلك الحروب، وإدخالهم في قضايا العدالة الانتقالية وما ينتج من حلول لقضية الثأر المدرجة في الحوار الوطني.
12.بناء مدارس مستقلة للبنات ومعاهد للتأهل النسائي بكادر نسائي.
13.بناء جامعة متكاملة في مأرب وتشغيل المعاهد الفنية والتقنية التي تم إنشاؤها.
14.بناء حديقة مركزية مع مدينة ألعاب متكاملة في مأرب.
15.التوسع في شغل الإذاعة المحلية لمحافظة مأرب وتوفير كافة التجهيزات والاحتياجات الضرورية له وتدريب الكوادر الإعلامية والفنية.
16.بناء منتجعات وبنى تحتية للسياحة في منطقة حوض السد وبناء فنادق سياحية في المناطق السياحية منسجمة مع الأعراف الحميدة وشريعة الإسلام الغراء.
17.تأهيل ومنح المقاولين من أبناء مأرب الأولوية في المقاولات وخصوصاً النفطية.
18. إصلاح واستكمال القنوات واستصلاح الأراضي الزراعية.
19. بناء قدرات الإنسان المأربي الخارج من الصراعات والاستقطاب السياسي.
20.تفعيل ودعم مشاركة المصلحين والعلماء والدعاة في توصيل رسالتهم التوعوية إلى المجتمع لبناء المحافظة.
21.المطالبة العاجلة لرئيس الجمهورية وحكومة الوفاق الوطني بحماية السيادة الوطنية ورفع أزيز الطائرات الأجنبية التي تجوب سماء مأرب وينام ويصحو أبناء مأرب على أزيزها أو على انفجارات قنابلها أو على أشلاء جرائمها.
الختام:
ولابد لكل قضية تتطلب الدعم والمناصرة من العمل على محاور عدة من أهمها الضغط على صناع القرار الشاملة لتغيير السياسات وسن القوانين وتعديلها للتناسب مع حلول القضية، ومحور آخر يعتمد على القاعدة الشعبية للقضية من خلال تغيير الثقافات والقناعات والعادات التي تسهم في الإيمان الكامل بالقضية ومن ثم التحرك على الوعي المجتمعي.
وبالنظر إلى واقعنا اليوم ومن خلال القضية المأربية ومع ما تشهد البلاد من تسوية سياسية وحوار وطني شامل فإننا أمام فرصه تاريخية ربما لا تتكرر على المدى القريب، والسؤال الأبرز كيف لأبناء مأرب ودعاة قضيتها اغتنام هذه الفرصة واستيعاب كل متطلبات وحلول القضية المأربية وانسجامها مع لجان وموضوعات الحوار الوطني.
وعلى هذا الأساس فإننا نرى أن يعمل الناشطون في القضية على هذين المحورين: المحور الأول من خلال الضغط على صناع القرار من خلال الوقفات الاحتجاجية والضغط الإعلامي والمجتمعي وفق خطة شاملة نابعه من راي المواطن المأربي بمختلف تكويناته ووفق ما يتطلبه المحور الثاني، المحور الثاني وهو الأهم من وجهة نظرنا وهو المجتمع المأربي فلا بد من عملية تحسيس بقضيتهم من خلال النزول الميداني إلى القرى والأرياف لجمع الآراء والأفكار ومن خلال الضخ الإعلامي الواسع والمدروس لتنعم قضيتنا باهتمام الإنسان العادي قبل النخبه الفاعلة.
ونحن على استعداد تام للمشاركة في وضع الخطط والأفكار والمشاركة الميدانية
وفق الله الجميع إلى كل ما يحبه ويرضاه
إخوانكم في اتحاد الرشاد اليمني بمحافظة مأرب