الرشاد من رحم الربيع
محمد الأحمدي
في مثل هذه الأيام كانت ولادة حزب الرشاد اليمني، إضافة نوعية إلى ساحة العمل الحزبي التعددي.
تيار عريض من الشباب اليمني القادم من الحلقات القرآنية ودور العلم الشرعي يتحفز لاقتحام معترك العمل السياسي، محملا بالكثير من الطموح والآمال، ولكنه بطبيعة الحال مثقل أيضا بالكثير من تركة الجمود الفقهي، الذي قرر تجاوزه والبحث عن أدوات جديدة للتعبير عن هذه الطموح وتلك الآمال.
كان قادة الحزب الناشئ يقولون إنهم جاؤوا من رحم الثورة الشبابية الشعبية السلمية، وإن مراجعات فكرية عميقة جرت على مدى سنوات أفضت إلى القبول بالديمقراطية والانخراط في العمل السياسي.
كان العديد من كوادر الجماعات السلفية الذين يشغلون حيزا من الواقع، قد خاضوا تجارب ناجحة في العمل الخيري والاجتماعي والتنموي، ونجحوا في اكتساب رصيد نضالي مدني ومهارات جيدة في إدارة الجماهير إلى جانب المعرفة والتحصيل العلمي والثقافي.
انخراط الآلاف من الشباب اليمني في الأنشطة الحزبية و التعددية السياسية مثل مكسبا وطنيا يساهم في إثراء التجربة الديمقراطية الناشئة في البلد ويساهم في ترشيد الخلافات الفكرية والسياسية، وتقليص الفجوة بين أطراف منظومة الحياة العامة، بخلاف التمترس خلف قناعات مسبقة تجاه الآخر.
قدم حزب الرشاد رؤىً خلاقة في مؤتمر الحوار الوطني، وكان يتهيأ إلى جانب بقية القوى والأحزاب السياسية لخوض غمار أول محطة في مسيرة التغيير السلمي عبر أدوات الديمقراطية في الاستفتاء على دستور جديد، لكن في الوقت الذي كانت أنظار الحزب تتوجه نحو صناديق الاقتراع اختارت جماعة الحوثي بإرثها التاريخي الطائفي العنصري العنيف وحلفاؤها المحليون والإقليميون والدوليون، للأسف، التوجه نحو صناديق الرصاص، لتقطع بذلك الطريق على الجميع، وتنشر الخراب والفوضى، وتصنع بحماقاتها أكبر مأساة في التاريخ الحديث.
كغيرهم من أبناء الشعب اليمني تعرض كوادر حزب الرشاد للقمع والترهيب والتشرد والتنكيل، حتى من قبل تاريخ نكبة الانقلاب والحرب، لكن ذلك، بالطبع، لن يفت من عضدهم في مواصلة مشوار النضال السلمي والإنساني النبيل إلى جانب كل أبناء الشعب اليمني في مناهضة مشاريع التدمير، والمضي قدما في بناء دولة القانون والحكم الرشيد واحترام حقوق الإنسان.