الرؤية الأولية لحزب الرشاد لما بعد الحوار الوطني وضمان مخرجاته
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن وآلاه. وبعد:- انطلاقا من قوله سبحانه وتعالى :” {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ }وقوله سبحانه : {وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولا } وقول النبي صلى الله عليه وسلم :”المسلمون عند شروطهم” ولتحقيق المصلحة العليا لشعبنا اليمني الذي بات يتطلع بفارغ الصبر إلى بناء دولة العدل والمؤسسات والنظام والقانون ليخرج بذلك من دوامة الأزمات والصراعات التي عانى منها فترة طويلة من الزمن ولينتقل إلى مرحلة التنمية والبناء والنهضة الشاملة وغير ذلك من المعاني السامية التي لن تتحقق إلا عن طريق تجسيد الإرادة الشعبية والمتمثلة في قيام مؤسسات الدولة المسؤولة والمحققة لطموح وآمال أبناء الشعب اليمني لينطلق إلى عملية التغيير الحقيقي في بناء مستقبل أفضل وغد مشرق. وتجنبا للإخفاقات التي رافقت الفترة الانتقالية الحالية من غياب أو شلل المؤسسات الدستورية الرقابية والتشريعية مع ضعف السلطة التنفيذية بسبب المحاصصة التي أدت إلى التشاكس والإعاقة في كثير من مؤسسات الدولة على جميع المستويات لهذا وغيره فإن رؤيتنا الأولية لما بعد الحوار تتلخص في الآتي:- أولا:- التأكيد على أن مخرجات الحوار الوطني ومقرراته لا تكون ملزمة للشعب اليمني ولا يحق لأي جهة أن تفرضها عليه ما لم يتم التصويت عليها وفق الآلية المقرة في النظام الأساسي لمؤتمر الحوار الوطني ومن ثم تصاغ تلك المخرجات من قبل لجنة صياغة الدستور المختصة ليتم بعد ذلك الاستفتاء الشعبي على الدستور الجديد. وهذا هو الضامن الحقيقي الأول والملزم لجميع الأطراف السياسية. ثانيا:- نرى أن الأصل هو الالتزام بالمدة المحددة للفترة الانتقالية المنصوص عليها في المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المزمنة ولا يحق الخروج عنها إلا وفق مبررات واقعية وموضوعية يتوافق عليها الجميع إعمالا لمبدأ الوفاء بالعقود والمواثيق وبتقدير قاعدة :”الضرورات تقدر بقدرها” ثالثا :- نظرا لوجود المعوقات الفنية والموضوعية لإجراء عملية الانتخابات في وقتها المحدد حسب المبادرة الخليجية والحاجة الملحة إلى تصور واقعي للانتقال إلى الدولة المؤسسية والاستحقاق الدستوري فإن الأمر يتطلب مدة زمنية تقارب ستة أشهر من حين إعلان الانتهاء من الجلسة الختامية لمؤتمر الحوار الوطني على النحو الآتي:- 1. انجاز وتنفيذ السجل الانتخابي الإلكتروني من قبل اللجنة العليا للانتخابات في مدة ثلاثة أشهر. 2. يتزامن معها صياغة الدستور والاستفتاء عليه في نفس المدة. 3. إصدار القوانين المطلوبة كقانون الانتخابات وغيره وفقا للدستور الجديد المستفتى عليه للانتقال إلى الدولة اليمنية القادمة في مدة ثلاثة أشهر. رابعا:- في حال تعذر انتخابات رئيس الجمهورية أو مجلس النواب فإن هاتين المؤسستين تستمران في مهامهما وتستمدان مشروعيتهما من الدستور النافذ. خامسا:- ومن الضمانات التي لا بد من التأكيد عليها أن يتم منع وحظر أي قوى سياسية من الدخول في العملية السياسية أو الانتخابات والمشاركة فيها في هذه الأحوال:- 1. التمرد على سيادة الدولة. 2. قيامها بفرض نظام خاص بها على جزء من أراضي الجمهورية اليمنية خارج إطار الدستور والقانون. 3. امتلاكها لتنظيم مسلح أو مليشيات مسلحة. 4. حيازتها لأسلحة سيادية. 5. ممارستها للعنف وفرض أفكارها بقوة السلاح. (نقض ما يسمى بالإعلان الدستوري والمرحلة التأسيسية) وأما ما يطلق عليه البعض المرحلة التأسيسية وحل مجلسي النواب والشورى والاستعاضه عنهما بمؤتمر الحوار الوطني مع الإعلان الدستوري فإن هذا المسار منقوض من خلال الآتي:- 1. افتقار هذا المسار للمشروعية الدستورية والقانونية لعدة أسباب:- 1. مناقضته للدستور النافذ للبلاد. 2. مناقضته للمبادرة الخليجية. 3. مناقضته لقرار مجلس الأمن المتعلق بالتسوية السياسية في اليمن. 4. مناقضته للنظام الأساسي لمؤتمر الحوار الوطني. 2. عدم جدوى هذا المسار. وتتجلى هذه الحقيقة من خلال الآتي:- 1. كونها مخيبة لآمال الشعب اليمني المتطلع لدولة تتجسد فيها إرادته الحرة. 2. أنها إعلان صارخ للفشل وإجهاض للجهود الدولية والإقليمية الكبيرة التي بذلت لإخراج اليمن من محنته إلى تجربة فريدة في المنطقة؛ إذ من المعيب أن تكون محصلة هذه الجهود وثمرتها سلب إرادة الشعب اليمني وإقامة وفرض سلطات تديره وتقرر مصيره تفتقد إلى المشروعية الدستورية والإرادة الشعبية. 3. تفريغ وإهدار جهود القوى السياسية إلى محاصصة ومصالح فئوية وحزبية وشخصية تغيب فيها مصالح الشعب اليمني وتطلعاته. 4. مصادرة حق كثير من القوى المجتمعية والأحزاب السياسية التي لم تمثل في الحوار الوطني والتي لها الحق في الإسهام وصناعة القرار وإدارة الدولة عبر التنافس مع الآخرين بالوسائل المشروعة في صياغة مستقبل بلدها. 5. سوف يتولد من هذه العملية إحباط ويأس لدى شعوب أخرى تتطلع إلى التجربة اليمنية كنموذج رائد لتحقيق إرادة الشعوب بطريقه حوارية وسلمية وحضارية وسينعكس ذلك سلبا على الدور الأممي والجهود المضنية المشكورة التي يقدمها المبعوث الأممي الأستاذ جمال بن عمر الذي كان له دور بارز ومثمر في إخراج اليمن من حافة الحروب الأهلية مع السعي إلى بناء دولة المؤسسات المعبرة عن إرادة الشعب اليمني بالتعاون مع القوى السياسية المختلفة. 6. كما أن من شأن ذلك أن يفتح المجال للحديث والقالة حول رغبات ومطامع خاصة أدت إلى هذه العملية نظرا لكون الداعين إليها من أعضاء مؤتمر الحوار الوطني وليسوا مخولين بغير ما نص عليه النظام الأساسي ولكونهم جعلوا لأنفسهم شرعية من داخلهم لا من خارجهم كما هو المعتاد ولما يؤدي إليه ذلك من الجمع بين السلطتين التشريعية والتنفيذية في آن واحد. 7. إن تمديد فترة غياب الدولة المؤسسية تحت مسمى المرحلة التأسيسية أو غيرها يتيح فرصة كبرى للجهات التي تعمل على خلق أوضاع “اللادولة” لتوسيع نفوذها والعمل على نشر المزيد من الفوضى والاضرابات الأمنية. 8. هذا المسار سوف يؤدي إلى تفاقم الأزمات الاقتصادية, وتردي الخدمات الأساسية والأوضاع المعيشية وتدني مستوى الدخل لغياب أو ضعف برامج ومشاريع التنمية الجادة وانشغال النخب السياسية ومؤسسات الدولة بالوضع السياسي وترحيل حلول الأزمات إلى الدولة القادمة. 9. إن هذا المسار سوف يؤدي إلى أن تشعر الأحزاب السياسية الكبرى ذات القاعدة الشعبية العريضة بالغبن الفاحش والحيف والتحايل على مكتسباتها ما يعني أن تتحول العملية السياسية إلى مكايدات مشابهة واستمرار مسلسل الإعاقة والتغيير. والنظر إلى مآلات الأمور وغاياتها أمر في غاية الأهمية لسلامة الوطن من إضافة مزيد من التصدعات بين مختلف القوى السياسية. وفقنا الله لمرضاته.