الدكتور محمد العامري : الكثير من مخرجات الحوار الوطني تلبي متطلبات الشعب اليمني في التغيير
س : هل جاءت مخرجات الحوار الوطني مواكبة لتطلعات الشعب في التغيير؟
ج: الكثير من مخرجات الحوار الوطني تلبي بكل تأكيد متطلبات الشعب اليمني في التغيير, وبعض ما فيها عبارة عن تحصيل حاصل, وقد تتجه في غير المسار التغييري الجاد.
س: هل ترون بأن مشروع الدولة الاتحادية يمزق الكيان الوحدوي ويضعف البنية الاقتصادية في البلاد؟
ج: الدولة الاتحادية يمكن أن تكون مخرجاً للأزمات في اليمن متى ما كانت القوى السياسية والمجتمعية تدرك وتحرص على المصالح العليا وتسعى لتحقيقها دون أن تغرق في مصالحها الضيقة المناطقية والحزبية والجهوية والشخصية, ويمكن أن تكون أداة تمزيق متى ما اتجه الناس في المسار الخاطئ لمفهوم الدولة الاتحادية ومتى ما غابت الرقابة المجتمعية الشعبية الواعية التي سوف تكون العين الحارسة من أي تدخلات أو أطماع خارجية.
س: قاعات الحوار كانت مصحوبة بالاختلافات والمشادات والانسحابات بين حين وآخر كيف تمكنتم من تجاوز تلك الصعوبات وصولاً إلى التوافق النسبي؟
ج: من الطبيعي في هذه الحوارات التي جمعت ألوان الطيف السياسي والمجتمعي أن تكون مصحوبة بالمشادات والاختلافات لكن حكمة اليمنيين وشعور القوى بالرقابة الدولية والإقليمية والمجتمعية عليها جعل الكثير تتصبر حتى تم الحوار وانتهى إلى التوافق.
س: برأيكم ماهي الأبعاد الحقوقية والحضارية التي خرجت بها وثيقة المخرجات ؟
ج: لا شك أن هناك الكثير من الحقوق التي جسدت من خلال مخرجات الحوار الوطني سواء كانت سياسية أو اجتماعية أو غيرها كما أن البعد الحضاري يتجلى في سلوك اليمنيين لغة الحوار عوضاً عن التناحر والدخول في فتنة داخلية تأكل الأخضر واليابس.
س : ما هي أبرز الصعوبات والعوائق التي واجهتكم في مؤتمر الحوار ؟
ج: أبرز الصعوبات والعوائق التي واجهناها في الحوار الوطني تتمثل في حرص بعض النخب على مصالحهم الشخصية أو الحزبية والتمترس حول المصالح الضيقة وكذلك الضعف الملحوظ لبعض القضايا وبخاصة تلك المتصلة بفقه أحكام الشريعة الإسلامية لدى البعض الذين ليس لديهم حصيلة في مجال الفقه الإسلامي إذ يتصورون أن الشريعة الإسلامية تتنافى مع التقنية أو الحقوق المشروعة أو الأبعاد السياسية داخلياً وخارجياً فيتوهمون من حيث لا يشعرون بعدم استيعاب الشريعة الإسلامية لجميع متطلبات الحياة.
كما أن من أبرز الصعوبات مسألة المكايدات السياسية والمناكفات التي خرجت في كثير من الأحيان عن الموضوعية والمنطق المقبول وبخاصة ما يتعلق بالثوابت الدينية والوطنية.
س: ما تقييمك لدور المجتمع الدولي ومجلس الأمن في إنجاح المرحلة الانتقالية والحوارية في اليمن ؟ وعلى ما يدل ذلك ؟
ج: دور المجتمع الدولي والإقليمي ومجلس الأمن لا شك أنه محوري ويكاد يكون هو الموجه لسير العملية الحوارية والضاغط في نفس الوقت على كثير من الأطراف للمضي قدماً في العملية السياسية ولا سيما بعض الأطراف التي تحاول أن تتنصل من مخرجات الحوار الوطني لوجود مشاريع صغيرة تخصها.
س: ما رؤيتكم للمرحلة التأسيسية لما بعد الحوار ؟
ج: فيما يخص المرحلة التأسيسية رؤيتنا هو التعجيل بقيام دولة المؤسسات المسؤولة والمجسدة للإرادة الشعبية والبعد ما أمكن عن التسويف والتلهي عن ذلك بأي مسميات لأن الأوضاع في اليمن لا تتحمل مزيداً من المحاصصات التي لا مستند لها شرعي ولا شعبي وما يطلق عليه البعض مرحلة تأسيسية إن كان المقصود التهيئة اللازمة والضرورية لقيام دولة المؤسسات فقد يقبل مثل هذا المسار وإن كان المقصود الاستمرار في دولة التقاسمات التي لا تعبر عن إرادة الشعب فهذا المسار له آثاره السلبية والعبثية التي سوف تقود اليمن إلى المجهول وتجعله أسيرا أو فاقداً لسيادته وقراره السياسي.
س: هل تعتقد أن تتم عرقلة لتنفيذ المخرجات من بعض القوى السياسية وما هي الاجراءات المتبعة إزاء ذلك ؟
ج: القوى التي لا تؤمن بدولة المؤسسات والنظام وسيادة القانون بكل تأكيد سوف تعمل جاهدة على عرقلة مخرجات الحوار ذلك لأنها لا تمتلك مشروعاً وطنيا لعموم أبناء الشعب وإنما هي آلة لمشاريع صغيرة وموجهة, لا تمتلك رصيداً شعبياً يمكنها من حيازة الثقة لدى عامة الشعب اليمني فمثل هذه الجهات سوف تعمل ما بوسعها على إعاقة أي مسار إلى بناء الدولة وبسط نفوذها حتى يتسنى لها تمرير وتسويق مشروعها في ظل أوضاع فوضوية ومضطربة.
س : محاولات إجهاض التغيير ومشروع الدولة المدنية عن طريق الاختطافات والاغتيالات والتفجير كيف تقرأونها ؟
ج: مسألة الاختلالات الأمنية والاغتيالات والقتل وقطع السبل من المسائل التي يجب أن يتصدى لها الشعب اليمني بأكمله لما لها من آثار سلبية على النسيج الاجتماعي والسكينة العامة ولما تفضي إليه من تقويض العملية السلمية وإيقاف عجلة التنمية وزراعة البغضاء والتشاحن بين أبناء الشعب اليمني.
كلمة اخيرة تودون طرحها في نهاية هذا اللقاء ؟
كلمتي الأخيرة هي أن أي مخرج أو قرار في الحوار الوطني يجب أن ننظر إليه من زاويتين :
الأولى: مدى تحقيقه لمتطلبات الشعب اليمني بكامله سواء كان في ما يتعلق بهوية الشعب اليمني أو ما يمس ثوابته الدينية والوطنية أو مصالحه العليا فهذا هو النافع المفيد.
أقصد أن يكون القرار محققاً للرضا من جميع أبناء الشعب اليمني بعيداً عن القرارات التي لا تلبي إلا رغبات بعض النخب بحيث نتصور أن هذا القرار لو عرض على أبناء الشعب لحاز قبولهم ورضاهم وفي كل حال لا يجوز أن يكون هناك أي قرار يخالف أحكام الشريعة الإسلامية أو الثوابت الوطنية.
الثانية: وهي مدى واقعية أي قرار أو مخرج, فالقرارات والمخرجات فيها النافع المفيد, وفيها كذلك الحشو الذي ليس فيه منفعة فإذا ما أردنا لأي قرار أن يكون نافعاً ومفيداً فعلينا أن نضعه على محك المنفعة الداخلية والوطنية بعيداً عن المزايدات أو الرضوخ لأي أجندة خارجية فالقرار الوطني هو الذي ينبع من حاجاتنا لا من حاجة غيرنا, ومن واقعنا لا ممن واقع غيرنا, ومن هويتنا لا من هوية غيرنا, ومن مصلحتنا لا مصلحة غيرنا ومن قناعتنا وتفكيرنا لا من قناعة وتفكير غيرنا.
والله الموفق. بتاريخ 26/1/204م.