تأملات في مبادئ اتحاد الرشاد اليمني (1-12)
*فيصل الحفاشي
“كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم-هما مرجعية المجتمع والدولة”
هذا هو المبدأ الأولى لاتحاد الرشاد اليمني، ونفاسته بادية للعيان، ولا يرتاب فيه البتة أحد من أولي الإيمان، على اختلاف الأمكنة والأزمان.
إذ إن كل مسلمٍ –في هذا البلد وغيره- يتعين عليه أن يكون الوحيان هما مرجعيته ومصدره، وإليهما فيؤوه ومنقلبه، وهما الحاكمان له في جميع شئون حياته بلا استثناء، وهذا شرط الإيمان كما لا يخفى، قال رب العزة والجلال: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [النساء:65].
فتأمل معي -أيها الموفق- كيف نفى الله سبحانه وتعالى الإيمان عن من لم يجعلوا شريعة محمد بن عبد الله عليه الصلاة والسلام حاكمة لهم في كل قضية من قضاياهم، أو نازلة من نوازلهم.
قال الإمام محمد الأمين الشنقيطي –رحمه الله-: “أقسم تعالى في هذه الآية الكريمة بنفسه الكريمة المقدسة، أنه لا يؤمن أحد حتى يحكم رسوله – صلى الله عليه وسلم – في جميع الأمور، ثم ينقاد لما حكم به ظاهراً وباطناً ويسلمه تسليماً كلياً من غير ممانعة، ولا مدافعة، ولا منازعة، وبين في آية أخرى أن قول المؤمنين محصور في هذا التسليم الكلي، والانقياد التام ظاهراً وباطناً لما حكم به صلى الله عليه وسلم، وهي قوله تعالى: {إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا….الآية}[1].
فهذا معنى كونهما –أي: الكتاب والسنة- (مرجعية المجتمع).
وأما معنى كونهما (مرجعية الدولة): فهذا أمر ضرورته معلومة، وأيما دولة أهملته فهي باغية ظالمة ملعونة، وهلاكها وفناؤها –عاجلاً أم آجلا- قضية –وربي- محتومة.
وإنّ أعظم ما ابتليت به أمتنا في عصرنا الحاضر، أن تسنَّم أمرها إما فاجر جائر، أو مرتمٍ في حضن غربي كافر، فجنوا على الأمة مصائبها، وجروا عليها قبيح ويلاتها، فانقلبت متخبطة في سياساتها، وإلى التجهيل والتخلف تسوق أبناءها وبناتها.
وهذا –بظني- ما حدا بجماعة من أهل العلم والديانة، والغيرة والاستقامة، لتأسيس هذا الكيان المبارك؛ ليردوا به الأمور إلى نصابها، وليجعلوا كل قضية في بابها، فيُحيون به معالم السياسة الشرعية، ويُشيِّدون به بناء الدولة الإسلامية العادلة العليَّة.
وإياك – أيها الباحث عن عزة الأمة ورفعتها- أن تسلك بنيات الطريق، وتغفل عن هذا الدرب البين، أو تغتر بكتابات من زعموا –جاهلين أو متجاهلين- استحالة تبدل الحال، وتعذر الوصول للمقصود، مهما بذلت من مجهود، فلم يتجرؤوا البروز لمقارعة المناهج الجاهلية من منبع ورودها، وإبطال مفعولها، والتعجيل بأفولها، قبل عموم ضررها، وإيذاء شررها.
فرضوا لأنفسهم بالقعود والركود، وتركوا ما يمكنهم فعلُه، تعللاً بما يستحيل في نظرهم فعلَه، فجنوا على أنفسهم وأمتهم بحدٍ سواء!!