كتابات

علي ومعاوية ، دروس وعبر

بقلم / محمد شبيبة

كان لعلي بن أبى طالب رضي الله عنه شيعة لايُجمعون على رأي، ولا يتفقون على أمر، يختلفون في كل صغيرة وكبيرة، حتى أنه إذا قام فيهم خطيباً من علىٰ منبر الكوفة، قاطعته كل المسميات، والكيانات، والأحزاب التي تزعم أنها مع شرعيته، وأنها تقف ضد المتمردين على دولته.
أما معاوية رضي الله عنه فكان أنصاره، طوع أمره، ورهن إشارته، وتحت طاعته، وإذا قام في دمشق يخطب فيهم، اجتمعوا بين يديه وأنصتوا له، وتوجهوا حيث يوجههم.
فكانت النتيجة أن معاوية الذي تأخر إسلامه كثيراً أخذ الدولة من يد علي الذي أسلم مبكراً وأسقط شرعيته رغم أن علياً هو الحاكم المنتخب من غالبية الشعب.
وأمام هذا التردي المُريع والخلاف الداخلي الفضيع، ملَّ عليٌ بن أبي طالب من شيعته، وأغضبه تفرقهم عليه، فألقىٰ فيهم كلمة توبيخية، تاريخية، وهاجمهم وهجاهم بشدة، وكان مما قاله في خطابه المُتلفز ،
يَا أَشْبَاهَ الرِّجَالِ وَلَا رِجَالَ، حُلُومُ الْأَطْفَالِ وَعُقُولُ رَبَّاتِ الْحِجَالِ، لَوَدِدْتُ أَنِّي لَمْ أَرَكُمْ وَلَمْ أَعْرِفْكُمْ، قَاتَلَكُمُ اللَّهُ لَقَدْ مَلَأْتُمْ قَلْبِي قَيْحاً، وَشَحَنْتُمْ صَدْرِي غَيْظاً، وَأَفْسَدْتُمْ عَلَيَّ رَأْيِي بِالْعِصْيَانِ وَالْخِذْلَانِ، وَلَا رَأْيَ لِمَنْ لَا يُطَاعُ .
يَالَيت أَنِّيِ أَصرِفكم صرف الدينار والدرهم، فأُعطي معاوية منكم عشرة علىٰ أن يُعطيني واحداً من قومه مقابل كل عشرة.
وهكذا سارت الأمور لصالح معاوية بسبب تماسك صفه ووحدة جبهته الداخلية وخسر علي المعركة والدولة بسبب تفرق قومه، وتعدد مشاريع الذين معه حتى أنه لقي مصرعه، وسقط شهيداً على يد أحد شيعته ،
رضي الله عن علي ومعاوية لا أشبههما بأحدٍ ، إنما هي الدروس والعبر لمن كان له عقل وسمع وبصر.
زر الذهاب إلى الأعلى