كتاباتمواقف وبيانات

مداميك الوحدة اليمنية

إذا أردنا يمناً موحداً قوياً فلابد من مبادئ تحكم الجميع تكون بمثابة مداميك للوحدة اليمنية وأهمها في نظري:-
أولا:- العدل 
ومفهوم العدل: أوسع من مفهوم حصره في القضاء، بحيث يشمل الاعتراف من كل جهة، بما لدى غيرها من المزايا والحسنات، بغض النظر عن الاختلاف معها، قال تعالى (ولاتبخسوا الناس أشياءهم) ومن أعظم البخس غمط الناس حقوقهم، وازدراؤهم لدوافع سياسية، أو مصالح شخصية، أو حزبية أو جهوية، والواجب على كل جهة أن تعترف للأخرى بما قدمته من جهود وتضحيات، فذلك أدعى للتقارب والألفة، وذلك من أعظم ركائز العدل، غير أن ما نجده اليوم – بكل أسف – هو التباخس بين مكونات الشرعية، والتعالي الذي يسبب النفرة والتباغض، وأنى لقوم هذا حالهم أن يأتلفوا، أو يحافظوا على الأوطان وقد هدموا مدماك العدل بينهم.

ثانيا:- ترتيب الأولويات:

والمقصوت بذلك هو معرفة الفئة الأشد خطراً على الشعب اليمني، سواء في هُويته، أو مصالحه، أو سيادته، ولا أظن عاقلاً إلا ويدرك أن أشد فئة ألحقت أضراراً بالمصالح الدينية والدنيوية هي فئة مليشيا الحوثي، وهذا يعني لكل ذي لب أن يعيد النظر في ترتيب الخصومات، والعداوات، وأولوياتها، وفقاً لأشدها خطورة وفساداً، وقد حصل في الواقع إرباك شديد لدى كثير من الناس نحو فتنة الحوثي، منذ نشأتها وإلى يومنا هذا، في تقييم مخاطرها، والوقوف معها أو ضدها، وربما كان كثير من الناس يجهلون هذه الفئة وعداوتها للشعب اليمني، أويناكفون بعضهم بعضاً سياسياً، لكن بعد أن تجلت قبائحها، وظهرت جرائمها، لم يعد من المقبول ذلك الجهل بمخاطرها، وأولوية مكافحتها، وهذا يقودنا حتماً إلى تأجيل أوإماتة العداوات، والخصومات البينية، لدى جميع أبناء الوطن المواجهين لهذه النبتة المارقة، غير أن مانراه ونلمسه في كثير من الأحايين، هو التوهان في قضية ترتيب الخصومات، وكأننا في فسحة من الأمر، أو في غير أوقات الضرورات والإستثناءات، وفي كثير من الأحيان قد يتحول الأقرب إلى الأبعد، لتنافس غير مرضي، أولغبش وضبابية في الرؤية، وحظوظ النفس، وانحطاط الهمة، وهناك من يجنحون اليوم إلى مشاريع غير جامعة حزبية أو جهوية ويرونها سبيلاً للنجاة من الأطماع الحوثيرانية وهؤلاء – بلاشك – لديهم ضبابية شديدة في فقه إدارة الصراع وإنانية مفرطة وبالمقابل الذين يرون توجيه السهام الى مثل هذه المشاريع الخاصة جهوية أو نحو ذلك ويتلهون أوينشغلون بذلك عن الخطر الحوثي وأولوية مكافحته أشد ضبابية وتخبطاً .

وربما كان كثير من الناس يجهلون هذه الفئة وعداوتها للشعب اليمني أويناكفون بعضهم بعضاً سياسياً لكن بعد أن تجلت قبائحها وظهرت جرائمها لم يعد من المقبول ذلك الجهل بمخاطرها وأولوية مكافحتها ، وهذا يقودنا حتماً إلى تأجيل أوإماتة العداوات والخصومات البينية لدى جميع أبناء الوطن المواجهين لهذه النبتة المارقة.

ثالثاً :- فن الشراكات:

إننا بلاشك نعيش في وطن للجميع، وليس من حق فئة أن تدعي احتكار هذا الوطن أوتمثيله، كلياً أو جزئياً، أوالقيام بفرز الناس وفقاً لمقاييسهم الخاصة، بل المعتبر في ذلك هو المصالح العليا الجامعة، والحفاظ على الكليات والضروريات، مع التفريق بين النائحة والثكلى، و بين البكاء أو التباكي على الأوطان .

فليس من حق أحد أو جهة أن تضع للآخرين معايير الوطنية بمقاييسها ووفق مصالحها الخاصة، أو بمقياس الفئة التي ترعاها وتنتمي إليها.

واذا كان الأمر كذلك، فإننا والحالة هذه التي وصلنا اليها، بأمس الحاجة إلى أن نحسن فن شراكتنا في هذا الوطن، ونتلمس المداميك والدعائم والمشتركات الجامعة، فنتشابك حولها ونقبل ببعضنا البعض شركاء في حماية سفينة الوطن من الغرق.

غير أن مانراه اليوم – بكل أسف – هو أننا نجيد فن التنفير والخصومات، ونتقن ذلك بمهارة واحتراف، وكأن ذلك هو طريق السياسة الرشيدة، بينما هو منتهى السذاجة والغباء والجهالة، وخاصة بعد أن تجلى للجميع عدوهم اللدود الذي لايتورع عن انتهاك جميع الحرمات.

غير أن مانراه اليوم – بكل أسف هو أننا نجيد فن التنفير والخصومات ونتقن ذلك بمهارة واحتراف وكأن ذلك هو طريق السياسة الرشيدة بينما هو منتهى السذاجة والغباء والجهالة، وخاصة بعد أن تجلى للجميع عدوهم اللدود الذي لايتورع عن انتهاك جميع الحرمات.

إن المتأمل في السيرة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة والتسليم، ليجد العظمة في التعامل مع خصوم الماضي، ودفن جراحاتهم، فعلى سبيل المثال خالد بن الوليد يوم أحد رأس حربة المشركين، لكنه بعد الإسلام سيف الله المسلول، ولا يمكن أن نجد في السيرة على الاطلاق أن رسول الله عليه الصلاة والسلاة قد وبخ شخصاً بماضيه، أو عرض له بذلك، حفظاً لبنيان المجتمع، ومداميكه، من التصدعات والعصبيات.

ومن هذه الأخلاق النبيلة تعلم اصحابه رضوان الله عليهم كيف يدفنون الثأرات والعصبيات، بينما كثير منا – في الحالة اليمنية – عباقرة في النغبشة لكل فئة أو رموز عن مساوئ ماضيها، وتقلباتها، حتى ولو تخلوا عن ذلك وانحازوا الى الصفوف في معركة المصير، يستمرون دوماً تحت مطرقة التذكير بماضيهم صباحاً ومساء، وكأن الناس لا يخطئون، ولا يتغيرون، بينما لو تفحص كل إنسان في مسيرته، لوجد فيها كثيراً من التناقضات، وتغير القناعات، والتقلبات، وهذا شي طبيعي .

والمقصود هو فقط الإشارة الى ضرورة أن نتعلم فن الشراكات، وبناء الجسور، دون الولوج في زراعة الخصومات، وهذه المنهجية في الواقع تربوية، تستدعي من العقلاء والحكماء إعادة النظر في السلوكيات وتقييمها، والعمل على اصلاحها، لأن من شان ذلك أن يمتن العلاقات، ويعمل على توحيد الصفوف، وردم الفجوات، و إيجاد البنيان المرصوص، ويسد منافذ العداوات، التي أصبحت مادة للعدو، يتدسس من خلالها لتقوية جانبه، ويضرب الجميع بالجميع لتحقيق مآربه، اللهم اهدنا في من هديت.

د. محمد موسى العامري – رئيس الهيئة العليا

زر الذهاب إلى الأعلى