كتابات

حوار صحيفة الجمهورية مع الدكتور محمد بن موسى العامري رئيس اتحاد الرشاد اليمني

f8تحرير/ شكري الحذيفي

 

* نبدأ من حديث الساعة.. الحوار الوطني حديث الخاصة والعامة اليوم وهو الرهان الأكبر للخروج من نفق الأزمة.. ماذا يرى الدكتور محمد رئيس اتحاد الرشاد السلفي؟

– بعد الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله، أشكر لك هذه الزيارة وأقول: الحوار اليوم هو المخرج الرئيس الذي يتطلع إليه أبناء اليمن أجمع للخروج من هذا المأزق، والوصول إلى الغاية المنشودة، والمطلوب أن يتفاعل أبناء اليمن مع هذا الحوار، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على وعي وحكمة أبناء الشعب اليمني التي ذكرها الرسول صلى الله عليه وسلم، الحوار أصبح ضرورة في ظل هذه المعطيات التي نشهدها، ومع إيماننا بأن الحوار هو المخرج من كافة معضلاتنا الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، ومع إيماننا بأهمية الحوار إلا أن ثمة تخوفات مشروعة تتعلق به.

* مثل ماذا؟

– هناك تخوفات تتعلق بالقضية الجنوبية وكيف ستكون مخرجات الحوار في هذه القضية، الشعب اليمني يتطلع إلى الأمن والوحدة والاستقرار، هناك مخاوف تتعلق بمخرجات الحوار حول الشريعة الإسلامية.. بالدستور وصياغته.. بالحقوق والحريات.. بحقوق المرأة.. بمفهوم الدولة.. هناك أيضاً تخوف يتعلق بقضية صعدة وكيف ستحل هذه القضية في إطار الدولة وهيمنتها على كل شبر من أرض اليمن، هناك متخوفون من أبناء صعدة من النازحين إلى خارجها ويحلمون بالعودة إلى ديارهم دون أن تكون هناك وصاية مذهبية، مثل هذه التخوفات نرى أنها مشروعة وموضوعية، ونتمنى أن تزول بالحوار البناء، هناك تخوفات من المشاريع الطائفية التي تسعى لتمزيق اليمن، لكن مع التفاؤل، ومع الإيمان بالله تعالى والثقة به قد تزول وتنتهي.

* هل هناك ما يلوح في الأفق من هذه المخاوف؟

– أعتقد أن أبرز شيء يمكن أن يؤثر على اليمن هو الوصاية الخارجية الدولية، نحن نعلم أن المجتمع الدولي والدول الكبرى ترعى مصالحها بدرجة أساسية، وبالتالي فهي معنا إذا كانت الوحدة تخدم مصالحها، وهي ضدنا وضد الوحدة إذا كان الانفصال يخدم مشاريعهم ومصالحهم، ونحن نعيش وضعاً استثنائياً منذ أن تم التوقيع على المبادرة الخليجية التي هي برعاية دولية قد نستفيد منها في حفظ الدماء وصد الفتنة، لكن هذا لا يجعلنا نطمئن لهذا الدور إلى الأخير.

* هل ترى أن ثمة انعكاسات سلبية مستقبلية على اليمن بسبب هذا التدخل الخارجي الذي نعيشه اليوم ونراه مفيداً لنا؟

– من دون شك أن أي انتهاك للسيادة خطر جداً، ويجب أن نكون جميعاً شعباً ودولة حذرين كل الحذر من أي وصاية أو تدخل في شئوننا الأمنية والثقافية والتشريعية والقيمية، وإلا فالدولة ستبقى مرهونة لقوى خارجية، وهذا لا يبشر بخير أبداً، ونتمنى ألا تطول فترة الوصاية الدولية علينا وأن تنتهي بخير.

* تدخلون الحوار الوطني اليوم أنتم في اتحاد الرشاد اليمني ولا شك أن عندكم رؤى وبرامج ستسهمون في طرحها على طاولة الحوار الوطني.. حبذا لو سلطنا الضوء على هذه الرؤية؟

– نحن لا شك أننا سنقدم رؤيتنا للحوار الشامل في جميع المصفوفات المعروضة علينا، سنتقدم برؤيتنا حول القضية الجنوبية التي يتم علاجها في إطار يمن موحد، وأيضاً تصوراً لشكل الدولة القادمة بما لا يضر بمصلحة اليمن ومصلحته العليا، سنتقدم برؤيتنا لحل قضية صعدة، لإيجاد الحلول الناجعة لها والمناسبة، سنتقدم برؤية للتنمية الشاملة والجوانب الاقتصادية وبناء الدولة والعمل المؤسسي وكيفية الانتقال إلى الدولة التي تقوم على العدل والمساواة والحقوق، والبعد عن النظام الفردي والاستبدادي العائلي أو السلالي وما شابه ذلك.

* هل تدارستم هذه القضايا أولاً في إطار اتحاد الرشاد؟

– نعم، تدارسناها ونوقشت باستفاضة مستعينين بخبراء وأساتذة ومهتمين، وأقمنا لها ورش عمل، وأخذنا مختلف الرؤى فيها كلها..

* ماذا عن القضية الجنوبية التي تعتبر قضية القضايا؟

– القضية الجنوبية هي رقم واحد، وهي مفتاح الحلول، بل نستطيع القول إنه إذا صلحت صلحت بقية القضايا، وإذا تعثرت ـ لا سمح الله ـ تعثرت بقية القضايا. ونحن من حيث الجملة مع رد أي مظلمة لإخواننا في المناطق الجنوبية مع الوقوف إلى جانب الحقوق المشروعة، مع أي حل عادل ومرضٍ لإخواننا في المناطق الجنوبية، وبما يتوافق ويخدم وحدة اليمن وأمنه واستقراره، لأننا نعتبر أن الوحدة مكسب وطني وهي مطلب إسلامي.

* ماذا عن موقف إخوانكم الجنوبيين من حزب الرشاد تحديداً؟

– بالنسبة لنا فإن من كان مندرجاً ضمن اتحاد الرشاد فهو ملزم برؤية اتحاد الرشاد، وطبعاً فثمة طيف سلفي في اليمن رؤاهم من حيث الجملة مقبولة، وهناك طيف صغير جداً لا يمثل حجماً كبيراً يتجه نحو خيار فك الارتباط، خاصة ممن تماهى مع تيار البيض وجماعته.

* ماذا عن موقف حركة النهضة ذات الهوية الجنوبية؟

– حركة النهضة بدأت في نشأتها بشيء وانتهت إلى شيء، بدأت في الواقع لكي تؤسس للقضية الجنوبية وسحب البساط من تحت أرجل الكثير من المزايدين عليها من التيار اليساري الاشتراكي, ولكنهم دخلوا بلا مشروع وبلا رؤية في الحقيقة، ومعظمهم شباب متحمس دخلوا في شراكة مع دهاقنة السياسة، ومع تيارات متمرسة، فبدلاً من أن يؤثروا فيها تأثروا بهم، ومثل هؤلاء كحال من انبرى سابقاً للرد على الفلاسفة فإذا به بعد ذلك يتفلسف معهم!

* مسألة الشريعة عند السلفيين إحدى الجدليات الدائرة.. لماذا تفترضون في الآخرين سوء النية ومحاربة الشريعة؟

– نحن نقول إن الشريعة الإسلامية، أو عندما نتكلم عن مفهوم الشريعة فإن لها مفهومين، الأول: نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية، هذا الأمر محكم ومتفق عليه بين المسلمين عموماً وبين أبناء الشعب اليمني خصوصاً، والواجب هو الاحتكام لنصوص الكتاب والسنة وعدم الاعتراض عليها. الشق الثاني من الخطاب هو اجتهاد الفقهاء والعلماء، وهذا محل الأخذ والرد ومرده في النهاية إلى ما وافق الكتاب والسنة، التخوف الموجود عند بعضنا هو أننا نعيش اليوم تحت وصاية دولية، الوصاية الدولية أو الأجندة الدولية تريد أن تفرض علينا قيماً غربية في كل المجالات وهذا الأمر ليس خافياً على المتابعين والمطلعين؛ فهناك أجندات اليوم لإبراز حقوق المرأة بالمفهوم التغريبي المخالف للشريعة الإسلامية، هناك أجندة تسعى اليوم لفرض الرؤية العلمانية في المجتمعات الإسلامية، فلو أن السيادة قائمة، ولو أننا نعيش في وضع صحيح ومستقل ربما لن يكون لهذا التخوف من مبرر، لكن مادمنا نعيش في وضع استثنائي وتعبث فيه المنظمات التي تستقوي بالخارج فمن الطبيعي أن تكون هناك تخوفات، ولكننا مع هذا نقول: الشعب اليمني شعب مسلم، ولا يمكن أن يقبل بأن تُمس الشريعة الإسلامية بأي حال من الأحوال.

* ماذا عن نمط الحكم السياسي القادم الذي ترونه أنتم في اتحاد الرشاد اليمني؟

– لا أود استباق وطرح الرؤى التفصيلية لكن أقول: شكل الدولة مسألة اجتهادية، وطريقة الإدارة ليست من المشاكل المنصوص عليها وإنما هي خيارات خاضعة لآراء الناس، ونحن لدينا المرونة الكافية فيما يتعلق بشكل الدولة ما لم تؤد هذه المرونة في نهاية المطاف إلى مآلات غير محمودة، هناك اليوم صنفان من الناس من يطرحون الفيدرالية، الصنف الأول يطرحها بحسن نية وهو يريد الخروج من الروتين البديل للنظام السابق، ومثل هذا قد لا نختلف معه من حيث الجملة في بعض التفاصيل، والصنف الثاني جماعة تطرحها كمحطة لتقسيم اليمن في المستقبل خاصة من يقترح الفيدرالية من شطرين، أو حتى من يقترح أقاليم ولكن أقاليم جنوبية وأقاليم شمالية، هؤلاء قد يكونون أكثر حيلة ودهاء للتسويق لفكرتهم مستقبلاً، أو استنساخ التجربة السودانية.

* ما الذي تميلون إليه أنتم في اتحاد الرشاد؟

– نحن نميل إلى النمط المبسط الخالي من التعقيد الإداري، النمط الذي لا يجعلنا ننشغل به من حيث التكلفة الاقتصادية الباهظة التي تكلفنا الكثير حتى نستقر على نمط معين، نميل إلى النمط الذي يرضي مختلف الطيف اليمني ويحفظ للجميع حقهم في المشاركة في بناء الدولة بحيث لا يُحرم هذا الطرف أو ذاك من حقه من المشاركة.

* ماذا لو أجمع المتحاورون على الفيدرالية هل ستوافقونهم؟

– كما قلت لك الفيدرالية لها صور متعددة، ولها أشكال مختلفة، ولن نستبق الحكم اليوم، في حينه سننظر في الصورة التي نراها أمامنا، ما إيجابياتها؟ ما سلبياتها؟ ما آثارها المستقبلية؟ وسنجد أنفسنا إن شاء الله مع مصلحة اليمن واليمنيين.

* ولكن ما تعليقكم اليوم على تصريحات رئيس الجمهورية في عدن حول مسألة الإقليمية؟

– أعتقد أن هذا التصريح من رئيس الجمهورية جاء كمن وضع العربة قبل الحصان، وربما كانت له ظروفه الخاصة في ذلك حيث أراد أن يوصل رسائل طمأنة للأطراف التي تنادي بذلك من أجل المشاركة في الحوار الوطني، وأيضاً لتبديد المخاوف التي لدى البعض، أعتقد أن تصريحه يأتي في هذا السياق.

* أنتم في اتحاد الرشاد ستلتزمون بمخرجات الحوار الوطني وإن خالفت بعض توجهاتكم؟

– مخرجات الحوار توافقية، وبالتالي فما توافقنا عليه فنحن ملتزمون بتنفيذه مع كل الفئات والجماعات، وهذه نقطة يجب أن تفهم لدى كل الأطراف المتحاورة، خاصة أن كل قرار سيحظى بأغلبية كبيرة جداً، قد تصل إلى 90%. المسألة توافقية وليس هناك طرف سيستقوي على الطرف الآخر.

* دكتور.. من وجهة نظركم ما هي الضمانات العملية لتنفيذ مخرجات الحوار الوطني؟

– هناك ضمانتان مطروحتان في الأروقة السياسية، الضمانة الأولى التي يطرحها البعض هي الضمانة الدولية، أي أن على رعاة المبادرة أن يستمروا قبل وأثناء وبعد الحوار، وأن يظلوا مشرفين على المؤتمر وإلزام القوى السياسية بتنفيذ مخرجات الحوار.

* ماذا عن رؤيتكم أنتم؟

– نحن نرى أن الضمانة الحقيقية تكمن في قيام دولة بمفهومها الحقيقي، دولة مؤسساتية تقوم على العدل، ويكون الجيش فيها موحداً، أن تترك المليشيات أسلحتها، وأن يكون السلاح بيد الدولة، وهذا ضمان أكيد من وجهة نظرنا.

* لا تعولون كثيراً على الضمانة الخارجية؟

– الضمانة الخارجية قد لا تكون ناجعة، مثلما حصل في بعض مناطق العالم، لأن هؤلاء يهمهم مصلحتهم أولا، الضمانة الحقيقية هي الدولة، الدلة، الدولة.

* يشير البعض اليوم إلى بعض المعوقات من قبل بعض الفئات أو الجماعات الهدف منها عرقلة مسيرة الحوار الوطني.. إلى أي حد قد يكون ذلك صحيحاً؟

– لا شك أن هناك فئات لا تريد أن تقوم دولة حقيقية في اليمن وليس لديهم مشروع حجة وإقناع، وهي ترى أن الفوضى أضمن لبقائها، وأنها لا تستطيع أن تعيش في البيئة الصحية المستقرة، وإنما مجالها وتمددها وانتشارها مرهون بعدم قيام الدولة، وهي تسعى فعلاً لعرقلة مسيرة الحوار، وهي جهات ليست خافية على المتابع للشأن السياسي، ونحن ندعو لأن ينطلق الجميع من عرضه حججه وبراهينه ومشروعه وإقناع الشارع بما لديه من مشروع، الناس اليوم لا يمكن أن يقبلوا ديكتاتورية من نوع جديد، الشعوب اليوم رفضت الديكتاتوريات، فمن يريد أن يعيد الديكتاتورية باسم الحق الإلهي أو باسم المذهب أو الطائفة فهذا واهم، وعليه أن يراجع حساباته في ظل المعطيات الجارية اليوم التي يشهدها العالم بأسره.

* ما تعليقك يا دكتور على فشل الحوار مؤخراً بين جماعة القاعدة من جهة والدولة من جهة أخرى، وكنا قد سمعنا عن بوادر حوار بينهما؟

– نحن يا أخي الكريم أولاً نرفض أن تستخدم جماعة السلاح في وجه الدولة أو أمام الشعب اليمني، سواء كانت القاعدة أو الحوثية أو غيرهم، الأمر الثاني نحن نرحب بأي حوار مع أية جهة يؤدي إلى الأمن والاستقرار وحقن الدماء. ما يتعلق بالقاعدة أنا لم أجد في اللجنة الفنية طلباً رسمياً للقاعدة بالانضمام إلى الحوار الوطني، كل القوى قدمت طلباتها، عدا القاعدة بالنسبة لنا في اللجنة الفنية لم نتسلم خطاباً منها يفيد أن لديها الرغبة في الدخول في الحوار الوطني.

* أقصد أن الدولة مدت يدها في الفترة الأخيرة لحوار القاعدة لكن يبدو أن الحوار بينهما فشل وإن كنتُ لست مطلعاً على تفاصيل العملية من أولها؟

– أنا سمعت أن هناك طرقاً خاصة مع جهات في الدولة قامت بمساع معينة من الحوار لكنني حسبما أعرف أن الحوار فشل، وكنا نتمنى أن ينجح الحوار لأننا لا نريد إراقة الدماء لأحد، فكلنا مسلمون ونريد للبلد الاستقرار والأمن، للأسف بعض الحوارات تغيب فيها المصداقية فيفشل الحوار.

* ماذا عن رؤيتكم في اتحاد الرشاد للمؤتمر الشعبي العام؟

– المؤتمر الشعبي العام كغيره من الأحزاب طيف متعدد في داخله، وفيه شخصيات وطنية راقية وحريصة على مصلحة اليمن، وفيه شخصيات أيضاً لنا تحفظات عليها، ومن حيث الجملة فليس بيننا وبين أي مكون سياسي في اليمن أية خصومة تاريخية ولا نحبذ أن ندخل في صراعات سياسية مع أحد، ونقول دائماً: إن قربنا من أي مكون سياسي محدد بالتزامه بالثوابت الوطنية والدينية وكلما كان المكون السياسي حريصاً على مصلحة الشعب اليمني ملتزماً بثوابته كلما كنا له أقرب، وهو من يحدد المسافة بيننا وبينه.

* رفضت بعض الأحزاب أن يكون علي عبدالله صالح بشخصه على رأس المتحاورين في المؤتمر الشعبي العام مع غيرهم في الحوار الوطني.. ماذا ترى؟

– المؤتمر الشعبي قد قدم قائمته وليس بينها علي عبدالله صالح، ويصبح الحديث عن علي عبدالله صالح في هذا الجانب مفروغاً منه.

* مستقبلاً ستتعاطون مع حزب المؤتمر وعلى رأسه علي عبدالله صالح؟

– في الحقيقة نحن لم ولن نتدخل في تفاصيل أي حزب، كل حزب له أروقته وله رؤاه وأجندته الداخلية، ونحن نتمنى على كل حزب أو مكون سياسي أن يحرص على الوئام وعلى أن يكون من يمثله هو من يحقق مصلحته في الحال أو الاستقبال.

* أين يقف اتحاد الرشاد اليوم؟ هناك المؤتمر وحلفاؤه، والمشترك وشركاؤه.. أين أنتم من هذا التصنيف مثلاً؟

– نحن ننطلق من قاعدة عامة وهي (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان) نحن نقف مع كل قضية عادلة تفيد الشعب اليمني، سواء تقدم بها المؤتمر وحلفاؤه أو المشترك وشركاؤه. فمن تقدم بمشروع أو قضية عادلة ومفيدة للناس وللشعب فسنقف، وبالتالي فليس لدينا وقوف مطلق مع هذا الطرف أو ذاك، مثلما أنه ليس لدينا رفض مطلق أيضاً لأي طرف كان، سنتعامل مع كل طرف أو جماعة حسب القضية المطروحة ومآلاتها.

* الدولة المدنية.. قضية جدلية لدى البعض ومحور نقاش عند الكثير.. رؤيتكم في اتحاد الرشاد للدولة المدنية؟

– الدولة المدنية مصطلح يحمل أكثر من معنى، لكن هناك معنيان رئيسيان، هناك من يقصد بالدولة المدنية دولة المؤسسات.. دولة الحقوق والحريات.. دولة النظام والقانون، ومثل هذه المعاني نحن لا نرفضها، لكن بالمقابل هناك من يقصد بالدولة المدنية العلمانية، وهم يتعمدون النطق بهذا المصطلح لأنهم لو جاهروا بالدولة العلمانية لما وجدت فكرتهم هذه رواجاً عند الناس؛ كون العلمانية أصبحت مرفوضة ومنبوذة في مجتمعات المسلمين؛ لذا يحاول فريق من الناس أن يضع لنا فخاخاً وشباكاً للدولة العلمانية باسم الدولة المدنية، وهنا الجدل الكامن ليس عند السلفيين فحسب، بل عند الغالبية من الناس من المفكرين والمثقفين ليس في اليمن فحسب بل وعلى مستوى العالم العربي مثل محمد عمارة وفهمي هويدي وآخرين.. هؤلاء حذروا من هذا الطعم ومن هذا المصطلح المطاطي الذي قد يخفي وراءه مواويل علمانية، ولكن بثوب مزور وجذاب.

* ماذا عن مفهومكم أنتم للدولة المدنية؟

– نحن كما قلت لك: نحن مع الدولة التي تتجسد فيها الحقوق والحريات والعدالة، مع الدولة التي يكون فيها سيادة النظام والقانون والشريعة الإسلامية، مع الدولة التي تتكافأ فيها الفرص.

* ألا ترى أن عندكم نوعاً من التخوف ربما غير المبرر، كون المصطلح يعني دولة “المدنية” بفلسفة ورح بنود وثيقة المدنية التي طبقها الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ في المدينة المنورة؟

– أساساً لا يوجد في القواميس السياسية شيء اسمه الدولة المدنية، هذا مصطلح وافد وجديد، ودون شك فإن الذين يطلقون هذا المصطلح لا يقصدون به دولة المدينة أو دولة الرسول صلى الله عليه وسلم، أو على الأصح قطاع كبير منهم لا يقصد ذلك، المفهوم أخذوه من الغرب الذي يقسم الدولة إلى شقين: دولة دينية ودولة مدنية، ويقصد بالدولة المدنية الدولة العلمانية في مقابل الدولة الدينية، وما دام وأن هذا اللفظ حمال أوجه وله دلالات متباينة فإننا لسنا بهذا المصطلح بحد ذاته، ولننتقل إلى المفاهيم الحقيقية، فإذا قام العدل وقامت الحقوق فسنسميها بأي اسم.

* ماذا عمن ينادي اليوم بالخلافة الإسلامية أو بالإمامة؟

– أخي الكريم نحن حينما نتكلم يجب أن نتكلم بواقعية، العالم الإسلامي اليوم ممزق إلى أكثر من واحد وخمسين دولة ومن حق أي جماعة أو طرف أن يتطلع إلى ما يجمع الأمة ويوحد رؤيتها، نحن نتكلم اليوم في محطة معينة في جزء معين من الأرض، نحن نتمنى أن تجتمع الأمة في كيان سياسي واحد، هي أمنية لكن يجب أن نتكلم في ضوء معطيات محددة نعيشها اليوم، والتفاؤل مطلوب لكن بشرط ألا يتحول إلى أماني، وبالجملة، نحن مع دولة العدل، دولة الدستور، دولة القانون المستمدة أحكامه من شريعة الإسلام، نحن مع الحقوق والحريات المشروعة، مع المساواة، وعدم وجود أسرة أو قبيلة أو سلالة تتحكم بالمجتمع أو تقوده، نحن مع العدل المطلق الذي جاء في كتاب الله وسنة رسول الله.

زر الذهاب إلى الأعلى