كتابات

تأملات في مبادئ اتحاد الرشاد اليمني (2-12)

37884_103621349692191_7257231_n

“الإسلام دين و دولة، عقيدة وشريعة، ومنهج حياة، ونظام شاملٌ، صالحٌ لكل زمان ومكان.

هذا يعُدُّه أربابُه المبدأ الثاني لاتحاد الرشاد اليمني، ونعم المبدأ هو وربي! ففيه من الدرر المرصّعة، والكلمات الجامعة، والمعاني الناصعة، ما يعجز عن وصفها بيان، وتحار في نقائها الأذهان.

فتأمل كيف قالوا: “الإسلام دينٌ ودولة”، أي: أنه ليس مجرد طقوسٍ موسمية، أو ممارسات رهبانية، أو مجرد شئون شخصية فردية، لا علاقة له بالقضايا السياسية، أو الأزمات الداخلية والخارجية.

وإنما احتيج لكتابة مثل هذه العبارات، وإن كانت معلومة من ديننا بالضرورة؛ لجرأة فئامٍ ممن انتسبوا اسماً إلى ديننا، وزعموا أنهم يحملون عقيدتنا، ويرتادون مساجدنا، لكنهم لحرصهم الزائف على الإسلام أبوا –بزعمهم-أن يلطخوه بأقذار السياسة وأدرانها، فأرادوه نقياً مصاناً في المساجد سجيناً، وطقوساً خاصة بيننا وبين ربنا، لا دخل له في صغيرٍ أو كبيرٍ من شئون السياسة وأربابها!!!

وهم بجهالاتهم هذه على دربِ على العلمانية الأصيلة سائرون، ولمنطق منظريها مرددون؛ إذ إنهم رأوا استحالة أن يكون الدينُ لهم حاكماً، أو أن يسوسهم من يكون به عالماً، فباتوا يلوكون “لا سياسة في الدين ولا دين في السياسة”،  فأي دينٍ –بربك- بقي لهم وهم قد هدُّوا معظم حقائق ملتهم؟!

قال الشيخ محمد الخضر حسين: “فصل الدين عن السياسة هدمٌ لمعظم حقائق الدين، ولا يقدم عليه المسلمون إلا بعد أن يكونوا غير مسلمين”[1].

وأما قولهم: “عقيدة وشريعة”، فهو إلجامٌ للسفهاء، وقطع لطريق الدخلاء، الزاعمين انفصام العقائد عن الشرائع، وأن ديننا مقصور على الأولى، ولا علاقة له بالأخرى، فجنوا على أنفسهم وأمتهم بحدٍّ سواء!

والشريعة وإن كانت شاملة للأولى أصالة، إلا أن التنصيص عليها بالغ في الأهمية غايته؛ لكثرة شرور نابتة السوء في أمتنا، والتي ما فتئت تلقي على مسامعنا شبهاتها الساقطة، ودعواتها الساذجة!

وأما قولهم: “منهج حياة” فهي عبارة بالغة في الحسن غايته، وفي التوفيق نهايته، فالإسلام ينبغي أن يكون مرشداً لسياساتنا، ومرجعاً لاقتصادنا، ومصدراً لكافة علائقنا، وحكماً لنا في كل تصرفاتنا، وإماماً نقفوا أثره في قيامنا وقعودنا، وصمتنا وكلامنا، وسائر حركاتنا وسكناتنا!

وأما قولهم: “ونظام شامل” ففيها من روعة الإيجاز والبيان كما في سابقاتها، وصدقوا! فالإسلام دستورٌ متكامل، لا يعاند في مثلها إلا أحمق متجاهل.

وليس ذلك لشيء إلا لصلاحيته لمختلف الأمكنة والأزمان، فرسوله خاتمُ الرسل ودينه خاتم الأديان! وهذه ميزة لأمتنا دائمةٌ ثابتةٌ ما تعاقب الجديدان!

وأما قولهم: “صالح لكل زمان ومكانٍ” فهي الرحيق المختوم، لا يشك في صحتها إلا غويٌ مأثوم، أو حاقدٌ مأزوم، غرتْه زخرفة الغرب وسذاجته، وفتنته علمانيته وتفاهته، فطفق –جهالة-يسوي بين ديننا وتحريفاتهم، وشريعتنا وخزعبلاتهم، فلما رأى تبرؤهم من دينهم، وانسلاخهم من بقية آثار ملتهم، لم يرَ لنا –حينها-أصلح من اتباع سنتهم، واعتبار فعلتهم، مع إغفاله -عمداً أو سهواً-الفروق الجليّة، بين الملة الخاتمة المحمدية، وطرائقهم الغوية، وبين عصمة شريعتنا، وفقدانها في شريعتهم!

إذاً: فصلاحية شريعتنا لكل زمان ومكان أمرٌ بالضرورة معلوم، ومن خفيت عليه دقائقٌ من جزئياتِ ذلك، فلينسب العيب لنفسه، والجهالة لشخصه، وليخلع عنه رداء الكبر جانباً،  ولركبتيه بين يدي أرباب شريعتنا ثانيا، وسيجد بعون الله بغيته، ويقضِ منهم نهمته!


[1] مؤامرة فصل الدين عن الدولة ص19- 21.

تعليق واحد

  1. الدليل على ذلك أن الصحابة رضي الله عنهم وهم عمق المنهج السلفي كانوا على هذا المنوال حيث كانوا رضي الله عنهم هم من يديرون شؤون الأمة ويحققون سعادتها من جهتين :
    الأولى : حراسة الدين.
    الثانية : سياسة الدنيا.
    وكانوا هم الخلفاء والقادة والسياسون ولم يدعوا فراغا للمنافقين أو الفارغين أن يتصدروا امر الأمة فتأمل

زر الذهاب إلى الأعلى