كتابات

بين 18الكرامة والحوار .. ما الذي تغير?!

 رضوان السماوي*

بين 18الكرامة والحوار .. ما الذي تغير?!
بين 18الكرامة والحوار .. ما الذي تغير?!

  مثلما كان 18 الكرامة مؤذناً بتفكيك النظام  فهل يكون 18الحوار مؤذناً ببناء الدولة، لقد أعلن الرئيس الانتقالي هادي عن أن الثامن عشر من مارس القادم هو الموعد القادم لبدء الحوار الوطني، واختيار هادي لهذا التاريخ فيه دلالة كبيرة وعظيمة، إن يوم الثامن عشر من مارس كموعد لانطلاقة ماراثون الحوار الوطني هو توقيت رمزي، فهو اليوم الذي لن ينساه كل يمني والذي قُتِل فيه ما يقارب من54 شاباً من خيرة أبناء اليمن من المتعلمين والموظفين كان منهم صديقي وزميلي في العمل الشهيد علوي الشاهري فكانت قاصمة الظهر لنظام صالح.

توالت الانشقاقات وتوج ذلك اللواء علي محسن صالح الأحمر بإعلان انضمامه وتأييده للثورة السلمية.

ظهر صالح معزولاً مضطرباً فعقد اجتماعاً غاب عنه كبار رجال دولته كما غاب عن الوسائل الإعلامية من (تلفزيون – إذاعة) كل البرامج التلفزيونية المباشرة والمسجلة وظلت الفضائية اليمنية وأخواتها من القنوات المؤيدة لصالح طوال ذلك اليوم تبث الموشحات والحلقات الدينية وكأننا في مأتم رسمي.

 لقد كانت القنبلة التي فجرها الجنرال العسكري كفيلة بسقوط النظام وانهياره، لو تبع هذا الزخم الثوري الداخلي زخماً مسانداً ومساعداً إقليمياً ودولياً للضغط على ـ صالح ـ ومطالبته بالتنحي وترك السلطة وتسليمها للنائب، لكن شيئاً من ذلك لم يحدث؛ حيث إن البديل غير مرضي عنه إقليمياً ودولياً ويتمثل في القوة الفاعلة في حزب الإصلاح، وربما أن الرئيس الجديد يقع تحت تأثير هذا المكون الكبير والمنظم؛ الأمر الذي ننتقل معه من ديكتاتورية إلى أخرى.

المضي بالحوار الوطني في ظل توازن مؤسسات الدولة وخصوصاً الجيش والأمن هو الخيار المتاح في اللحظة الراهنة لوضع اللبنة الأولى في إصلاح العملية السياسية وتحقيق الثورة الحقيقية وإنجاز هدفها الفعلي.

هيكلة الجيش في هذه المرحلة تعني في كل الأحوال تسلط طرف ما وتغوله في استخدام أدوات الدولة الفاعلة القوية الحقيقية لمصلحته وحزبه الوليد.

بقاء الجنرال علي محسن والعميد أحمد علي وخروج صعدة في هذه المرحلة كل ذلك تحت إدارة سلطة هادي هو عامل توازن لنجاح العملية السياسية وحل قضايا جميع الفرقاء بدءاً من القضية الجنوبية مروراً بصعدة وانتهاء بمؤسسات الدولة ذاتها.

إن هذه المرحلة تشبه الى حدٍ بعيد مرحلة الفترة الانتقالية ما قبل حرب صيف 94م والتي شهدت الانتخابات الوحيدة الحقيقية والتنافسية، ولو قبل علي سالم البيض وتياره الانتهازي في الحزب الاشتراكي بتلك النتائج لكانت الحالة السياسية قد خطت أولى خطواتها نحو النجاح.

الحوار قيمة إنسانية عظيمة ميز الله بها بني البشر عن سائر المخلوقات، فالحوار سلاحه الكلمة والمسلم أعظم سلاح عنده هو سلاح الكلمة، فهي سلاح الأنبياء والمصلحين عبر التاريخ.

مثلما كان الثامن عشر من مارس مؤذناً بسقوط “مملكة السلطان عفاش صالح القادم أسلافه من مأرب قبل 1200سنة”، فإن الثامن عشر من آذار مارس 2013م سيكون اليوم الذي نقول فيه وبكل فخر واعتزاز إن اليمنيين جميعاً على مختلف مشاربهم وأفكارهم اجتمعوا لأجل اليمن ومصلحة الجميع في هذا الوطن.

إن نجاح الحوار مرهون بمدى القدرة على الاستفادة من دروس الماضي واقتناص فرص الحاضر، وللتذكير نقول: الحوار جاء بعد ثورة أطاحت برأس النظام وفككت نواته الصلبة ومهدت لتسوية الملعب السياسي لجميع اللاعبين فيه.

كما أن الحوار الوطني ثمرة للمبادرة الخليجية التي جاء في ديباجتها أن يؤدي الحل الذي سيفضي عنه الاتفاق الى الحفاظ على وحدة اليمن وأمنه واستقراره، وأن يلبي طموحات الشعب اليمني في التغيير والإصلاح.

والملاحظ في الديباجة أنها ذكرت الحفاظ على وحدة اليمن ولم تقل الوحدة اليمنية وهذا فيه إشارة إلى إمكانية الاتفاق على تغيير شكل النظام السياسي للدولة بما يحقق مطالب أبناء الجنوب في ظل وحدة الأراضي اليمنية.

جاءت موضوعات الحوار وصياغتها متسقة مع هذا الهدف العام وعلى رأسها القضية الجنوبية ومن موضوعاتها الفرعية جذور القضية الجنوبية ومحتواها وكيفية حلها، وقد جاء ذكرها كغيرها من القضايا وبالتالي فاعتبار الانفصال حلاً للقضية الجنوبية أمر غير وارد من عدة جوانب؛ منها أ) ديباجة المبادرة الخليجية نصت أن الحل الذي سيفضي اليه هذا الاتفاق يجب أن يحافظ على وحدة اليمن. ب) أن القضية الجنوبية وإن كانت على رأس موضوعات الحوار إلا أن العنونة للموضوع الرئيسي بالقضية الجنوبية فيه إشارة واضحة إلى استبعاد الانفصال كحل نهائي وإلا لتمت صياغة عنوانه بطريقة أخرى تشير إلى هذا المفهوم كالقول قضية الجنوب، فيكون العنوان مختزلاً للجنوب في قضية واحدة وهي الانفصال رغم أنه تمت كتابة الصياغة بالنسبة لقضية صعدة بصيغة “المفرد” رغم أن فيها العديد من المشاكل ولها العديد من المطالب، لكن ليس الانفصال عنواناً رئيسياً لأي مكون من مكوناتها. كما أن الموضوعات الفرعية في القضيتين الجنوبية وقضية صعدة متشابهة فأشار إلى عناوين محددة هي الجذور والمحتوى وسبل الحل وضمان عدم تكرار ما حدث.

العنوان الفرعي الرابع والمتعلق بالضمانات لعدم تكرار ما حدث هي بين طرفين تجمعهما قواسم مشتركة ودولة واحدة مستقبلية ولو كان الانفصال أحد حلولها لما كان لهذا العنوان الفرعي أي معنى، ولهذه الضمانات أي فائدة.

كما أن اشتراط المادة الثامنة من النظام الداخلي لمؤتمر الحوار الوطني الشامل أنه يجب على كل الفئات المشاركة في المؤتمر عدا الحراك والحوثيين أن تضمن مشاركة كافية من أبناء الجنوب بين ممثليها بحيث لا يقل المشاركون من الجنوب عن 50% من مجموع سائر الأعضاء، وهذا يُعطي فرصة كبيرة للأطراف المشاركة في الحوار المؤيدة للوحدة أن تختار ممثلين لها مؤيدين للوحدة.

يؤيد هذا التوجه أيضاً ما ورد في أوراق الحوار ومنها ما يتعلق بالقضية الجنوبية فقد تحدث عن التكليف بصياغة ورقة لاستكشاف القضايا المختلفة بما في ذلك : أ) الطبيعة الأساسية للعلاقات بين الشمال والجنوب. ب) إجراءات بناء الثقة. ت) أسباب المظالم في الجنوب. ث) إجراءات لإعادة الممتلكات وزيادة فرص العمل والتنمية في الجنوب. ج) الآراء المختلفة فيما يتعلق بهياكل الدولة في الشمال والجنوب.

سيتم كتابة هذه الورقة بطريقة واضحة وموضوعية، حيث سيتم العرض للآراء المختلفة والخيارات المتوفرة دون الانحياز إلى أي جانب.

إنه وبالرجوع إلى موضوعات الحوار الرئيسية والفرعية، فإن كل موضوع منها، بل إن كل عنوان فرعي يندرج تحته آلاف العناوين والمواضيع وما يحتاج إليه البحث من الرجوع إلى آلاف الرسائل والكتب ولذلك فإن على الأحزاب والمكونات المشاركة في الحوار، النظر إليه كورشة عمل بحثي نقاشي يحتاج إلى أهل الاختصاص والبحث من الأكاديميين، وليس مؤتمر ترضية وتصويت يكتفي برفع الأيدي وخفضها، إنه مؤتمر الحوار والنقاش والجدال ورد الحجة بالحجة.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

* رئيس الدائرة القانونية في ‏اتحاد الرشاد اليمني

زر الذهاب إلى الأعلى