بيان رابطة علماء المسلمين بشأن المجازر الوحشية برابعة العدوية وغيرها من الميادين

295171_232255513549011_174833317_nالحمد لله قاصم الجبابرة والطغاة ومذل الظلمة والبغاة ، والصلاة والسلام على القائل ( المسلمُ أخو المسلمِ ، لا يظلِمُهُ ولا يخذلُهُ ، ولا يحقِرُهُ ) وعلى آله وصحبه أجمعين : 
 شاهد العالم أجمع ما حصل يوم أمس الأربعاء من قتل وقنص ودهس وحرق في مجزرة مروعة في ميدان رابعة العدوية وغيره من الميادين بمصر شملت الأطفال والنساء والشيوخ والعُزل الأبرياء، راح ضحيتها الآلاف، وحرقت المساجد وحرق المستشفى الميداني بما فيه من جثث ومرضى  مع انتهاك كافة الحقوق والحرمات، كل ذلك حدث ضد المعتصمين السلميين المطالبين بالحقوق المشروعة لهم في جريمة نكراء لم نشهد لها مثيلا منذ قرون،
 وعلى ضوء هذا فإن رابطة علماء المسلمين إزاء هذا الحدث الجلل تؤكد مايلي : 

 أولا : دماء المسلمين التي سالت ذنب عظيم يتحمله قائد هذا الانقلاب ووزير داخليته والقاتل ومن أمره وأيده بذلك وناصره وفرح به ، إذ سفك الدماء من أعظم الذنوب الموبقات قال الله تعالى : (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا ) ، وفي الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : (لَنْ يَزَالَ المُؤْمِنُ فِي فُسْحَةٍ مِنْ دِينِهِ، مَا لَمْ يُصِبْ دَمًا حَرَامًا ) ، وقال صلى الله عليه وسلم : ( قَتْلُ الْمُؤْمِنِ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ زَوَالِ الدُّنْيَا ) .

 ثانيا : يحرم على منسوبي القوات المسلحة والشرطة قتل المعتصمين السلميين والمتظاهرين المطالبين بعودة الرئيس المعزول بسلمية ؛ لأنهم مسلمون معصوموا الدم  كما أنهم أبناء بلدكم وعشيرتكم وإخوانكم فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ، فاحذر أن تقف بين يدي الله عز وجل وفي رقبتك دمٌ حرامٌ سَفْكُه قال الله تعالى : ( إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ * وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا كَذَٰلِكَ يُرِيهِمُ اللهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ ) فعلى الشرفاء الأحرار من منسوبي المؤسسة العسكرية الوقوف ضد من يريد أن يجر مصر إلى مستنقع من الدماء ، ودوامة من الفوضى والحرب الأهلية ، واستنزاف خيرات مصر ومقدّراتها ، وإفساد البلاد ، والعاقل لن يعدم حلاً إذا عزم وصدق لله ثم لوطنه .

 ثالثا : الحكومات التي أيدت ودعمت الانقلاب تتحمل مسؤلية إراقة الدم المصري ، وليست بمنأىً عن عقوبة الله لها جراء دعمها للظلم ونشر الفوضى والفساد , فعليهم المبادرة بتصحيح خطئهم وإعادة الحقوق لأصحابها.

 رابعا : على حكومات العالم عامة والإسلامية خاصة وعلى المنظمات  والهيئات الدولية والحقوقية بيان الحق والاستنكار والرفض التام لما حصل من مخالفة وانتهاك لجميع الشرائع والأديان السماوية والأعراف والمواثيق الدولية بإراقة دماء السلميين من المواطنين العزل الأبرياء الذين خرجوا يطالبون بمطالب صحيحة مشروعة .

 خامساً : على عموم الإعلاميين من مؤسسات وأفراد مسؤلية كبيرة في نقل الوقائع والأحداث بموضوعية وصدق ومهنية ، فهذا من نصرة المظلوم ورفع الظلم وتأدية الأمانة , كما تقع المسؤلية على وسائل الإعلام المتواطئة مع القتلة فيما حصل فهي شريكة في الجريمة لما تمارسه من تضليل وقلب للحقائق وتدليس للواقع ، وسيعاقب أصحابها في الدنيا قبل الآخرة لأن الظلم عقوبته معجلة كما جاء في النصوص المترادفة.

سادساً : ان الدم الأبرياء تحرمه الشرائع السماوية والقوانين الأرضية للمواطنين الآمنين والمستأمنين و الذي يسفك من شعب مصر أعظم ذنباً وأكبر جرماً لانه دم جماعي شمل الأطفال والنساء والشيوخ وغيرهم من معصومي الدم ممن لم يحمل سلاحاً ولم يقتل احداً .

 سابعاً : إن لمصر ثقلا ومكانة كبيرة في العالم الإسلام ، وهي صِمام أمان له ، وما يحدث الآن هو  كسر لهيبتها وضياع لمكانتها ، وإضعاف لقوتها وإهدار لمقدّراتها وتفكيك لشعبها ، وإن إسقاط مصر  يفتح بابا من الشرور والفتن لا يعلمه إلا الله . 

ثامناً : يا أهل مصر إن النصر قريب وان العزة لله يمنحها بفضله وكرمه لعباده المسلمين الصادقين ثم إن تراجعكم قتلٌ مع ذله وعذاب وسجن، وثباتكم وصبركم ستكون عاقبته خيراً بإذن الله فاصبروا و صابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون .  
 وتذكروا قول ربكم ( وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا ) وقوله تعالى ( ولَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ) .
 

تاسعا : الواجب على علماء الامة خاصة بيان الحق وفضح الباطل فقد أخذ الله عليهم الميثاق ليبيننه للناس ولا يكتمونه، والساكت عن الحق شيطان اخرس، وأما الراضي والمدافع والمبرر لهذا الظلم فيخشى عليه ان ينطبق عليه قوله تعالى (واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين)؛  ونذكرهم بقوله تعالى (ولا تكن للخائنين خصيما).

عاشرا: إن اختزال ما يجري بمصر في كونه ضد حزب أو جماعة معينة هو من المغالطات والتدليس والفجور في الخصومة ، كما أن عقد الولاء والبراء في حب المسلمين ونصرتهم وموالاتهم لا ينفك بمجرد الانتماء إلى حزب أو جماعة معينة ولو خالفنا هذا الحزب في طريقته وأسلوبه (وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر ).
فيا عقلاء مصر وعلماءها تجردوا لله واجعلوا مصالح الأمة مقدمة على أي مصلحة ، وكونوا يدا واحدة على الظلمة الطغاة ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) 
اللهم احفظ مصر وأهلها من كيد الفجار وشر الأشرار ، واحقن دمائهم وآمن بلادهم .  
والله غالب على امره .
رابطة علماء المسلمين
٨ شوال ١٤٣٤

زر الذهاب إلى الأعلى