كتابات

الهجرة إلى المجهول وبداية التمكين

hgggjj

* عبد الناصر محمد الخطري

منذ اللحظة الأولى التي سمعت فيها نبأ إخراج أهالي دماج من ديارهم خلال أربعة أيام، أدركت أنها هجرة إلى المجهول… لكني لم أكن أتوقع البتة أن الأيادي الماكرة ستبخل عليهم بالصحراء القاحلة التي وعدتهم بها، مستغلة بعض المأجورين من عبدة الدينار والدرهم من أبناء الحديدة ليقوموا بدورٍ لا يتناسب أبداً مع أخلاق الأشعريين. لم أكن أتصور أبداً أن أجد أبناء دماج الكرام بنسائهم وأطفالهم ينتظرون على الرصيف من يأويهم في ليلة باردة بعد وصولهم من سفر شاق . لم يكن في بال المهجرين أنهم سيصلون إلى العاصمة حيث ولي أمرهم وحكومته لينام بعضهم على طرابيل أو بقايا موكيت في خيامٍ لا تقي برداً ولا تمنع عدواً. لم أتمالك نفسي حين رأيت طفلين صغيرين بعمامة الملوك وثياب الشيوخ يقفان على باب بوفية صغيرة، ليمد لهما المباشر بحبة روتٍ ناشف فيتقاسماه وهما يتوزعان الابتسامة كأنما حيزت لهما الدنيا بحذافيرها. إن المشاهد التي رأيت من أحوال المهجّرين -رغم مآسيها- جعلتني أشعر بأن عاقبة هؤلاء إلى تمكين، وعاقبة ظالميهم إلى زوال على أيديهم مستلهما ذلك من قوله تعالى: (ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين، ونمكن لهم في الأرض ونري فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون).

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

* الأمين العام المساعد في اتحاد الرشاد اليمني

زر الذهاب إلى الأعلى