أدب وثقافة

الإمامة في مهبِّ القصيدةِ البردونيةِ

 

الشاعر /  عبدالله البردوني
 لن ترحم الثّوار والهُتافا                    هلاّ رحمت السيفَ والسيّافا؟
أوَمَا على المقدام يوم النصر أن           يرعى الشجاع، ويرحم الخَوَّافا
أيكون ما أحرزته نصراً، إذا                   قاتلت أجبنَ، أو قتلتَ ضعافا؟
أسَمعتَ عن شرف العداوة، كي ترى      لخضمِّ تقطيع الرؤوس ضفافا؟
 *
 سأحثُّ أسئلتي إليك، وإنني            أرمي بهنَّ وبي إليك جزافا
هاك القصيدة والمُقصِّدَ سلهما          إن تبتغي، أو دعهما استخفافا
سأظل أسأل (أحمداً) لا (مالكاً)         كيف استطبتَ بأهلك الإجحافا؟
فدخلتَ (صنعا) فاتحاً، وقطوفُها        أشهى إلى مَن جاءها مصطافا
 *
هل قال قَتْلُ أبيك: ترقى بعدهُ          تُفني وتسجن بإسمه الآلافا؟
أتَركْتَهُ بالأمس يلقى قتلهُ                كي لاترى للأمر فيك خلافا؟
 *
أسرفتَ في التقتيل، يهزمُ نصرَهُ       مَن يستلذُّ القتلَ والإسرافا
حتى قطعتَ مع الرؤوس ذيولها       هل سوف تقطع بعدها الأردافا؟
ماذا ستصنع حين تصعدُ أرؤساً        تلك التي لمّا تزل أكتافا؟
 *
أضنى دمُ الأعناق سيفَكَ هل روى     كيف اقشعرَّ مِن النجيع وخافا؟
لو كنتَ لاستعطاف أيِّ مؤمِّلٍ          أهلاً، لذاب حسامك استعطافا
أُيقال: عفَّ ابنُ الحديد عن الدِّما        وابن الأئمة لا يُطيق عفافا
ويقال: أمسى (نافع) مستخبراً          أأجعته كي يأكل الأضيافا؟
*
أخْجلت عهد أبيك، والأسياد مِن       أسلافه، وستُخرجُ الأخلافا
لا يبلغ الأشراف، إلاّ مَن غدتْ       أعمالهُ، كجدوده أشرافا
*
سل وقع رميتك التي ما أخطأت      أهدافها، كم أخطأت أهدافا؟
هل وافت المرمى الذي نَفَرتْ لهُ     أمْ ذلك المرمى، إليها وافى؟
*
قالوا: شهرتَ على العِدى             فاقعد وقل: للريح تُعَمِّمُ الإرجافا
الآن لا حلمٌ هناك، ولا هنا            يرنو، ولاطيفٌ يُرى طوّافا
حاربتَ حتى ما تركتَ مُحارباً       وأمَتَّ في أغمادها الأسيافا 
*
بلظى (الجرامل) و(السريع) أحلْتَ في   (بيت الفقيه) وجوههم أظلافا
ورؤوس (نجران) العواصي أينَعتْ      لمّا رأتك القاطفَ الخظّافا
واليوم أضحى(ابن الوزير)وحزبهُ  خبراً، على أردانه رعّافا
قَوّلْتَهُمْ هذا، فقالوا: أحْسَنوا            طَرَبُ الملُقِّنِ يخدع العزّافا
*
أنْصَفْتَ نفسك خالقاً مَن يبتغي      لضميرهِ مِن نفسك الإنصافا
أحدثْت ما لا يستشفُّ منجِّمٌ          لترى غداً ما يفجأُ العرّافا
قال المنجِّم: ماعليك خطورةٌ         فعلامَ تخشى الحُلمَ والأطيافا؟
أأقول عنه: عليك خصمٌ منك لا      يغفو، ولو صافيْته ماصافى
*
سنقول: مَن هذا اللعين يقول ما      أخفي، أما سرٌّ عليه تخافي؟
لايستحق الذِّكْرَ مَن ألبسْتَهُ            صفةَ اللعين ولا اتردى أوصافا
عريان إلاّ من قميص وِلادهِ          عانٍ، وقلب الشعر فيه معافى
أعمى، و(زرقاء اليمامة) حيّةٌ        فيه ترى من (سربةَ الأحقافا)
ما قال: إلا ما اقترفتَ وما اجتلى     مِن سرِّه مايُعجز الكشّافا
ما جاء بابكَ راجياً، لكن أتى         عما سيأتي سائلاً ملحافا

زر الذهاب إلى الأعلى