حزب الرشاد يقدم رؤيته حول القضية الجنوبية ويقسمها على ثلاث مراحل
قدم حزب الرشاد السلفي في مؤتمر الحوار اليوم الأحد 28-4-2013م رؤيته حول جذور القضية الجنوبية وتداعيات أزمتها التي وصلت حد الاحتقان السياسي، وفي الرؤية التي ألقاها رئيس حزب الرشاد الدكتور محمد بن موسى العامري؛ قسمت جذور القضية الجنوبية الى ثلاث مراحل تضمنت كل مرحلة بعدت سمات، فالمرحلة الأولى منذ عام 1967م التي حصلت جنوب اليمن على الاستقلال من الاحتلال البريطاني، وشكل ذلك العام منعطف جديد في المشهد الجنوبي السياسي إذ دخلت جمهورية اليمن الديمقراطية في صراع سياسي بين القوى السياسية الجنوبية، بين ما عرف بالجبهة القومية وجبهة التحرير، وهذا الصراع كان نتاج لسياسية الاستعمار البريطاني قبل رحليه في زرع بذور الفتنة بين أبناء الجنوب وإعطاء الجبهة القومية مقاليد الحكم.
وتطرقت الرؤية إلى فترة إستقواء الجبهة القومية منذ استلامها مقاليد الحكم إلى إقصاء الأطراف السياسية الأخرى في الجنوب، ومن ثم توجه الحزب الاشتراكي بشكل عام إلى نظرية سياسية واقتصادية وثقافية تتنافى مع ثوابت ومصالح المجتمع في المحافظات الجنوبية، وهو أمر زاد في تأزم الوضع بين الصف الجنوبي نفسه،
إضافة إلى الارتهان لنفوذ الاتحاد السوفيتي الذي استغل مقدرات وأراضي جنوب اليمن دون أن ينال أبناء الجنوب منها إلا الديون التي أثقلت كاهله.
وتقول الرؤية “نتيجة لهذا التوجه الماركسي للحزب الحاكم فقد وضع جنوب اليمن بإرادته السياسية وموارده الاقتصادية وقوته البشرية ومياهه الإقليمية تحت تصرف ونفوذ الاتحاد السوفيتي دون مقابل يذكر أو انتفاع لأبناء جنوب اليمن سوى المديونية بمليارات الدولارات للسوفيت التي تحملتها دولة الوحدة فيما بعد، وبهذه السياسة تحولت المنطقة من احتلال بريطاني إلى نفوذ سوفيتي أسوأ بكثير من سلفه.
ومنذ الفترة التي حصل جنوب اليمن على الاستقلال من الاستعمار البريطاني ظل الجنوب في صراع مستمر بين أجنحة السلطة حتى تجسدت في حرب عام 86م
واتجه الجنوب بعد حرب 86م إلى وضع متدهور لاسيما في المجال الاقتصادي إذ توقفت الحركة عن التنقيب للثروات الموجودة في الجنوب ومورست فرض التوجه الشمولي الذي نتج عنة تكميم أفواه العلماء تحت شعار “الموت للكهنوت ومحاربة الرجعية”، وهو ما وصفته الرؤية بالأخطاء الشنيعة بحق جنوب اليمن التي ضيعت أحكام الشريعة الإسلامية عن الدولة والحكم وشرعت أحكام للأسرة تخالف الإسلام في الوقت الذي قام الحزب الاشتراكي بتدريس النظريات الماركسية والشيوعية، وكل هذا أرجأت الرؤية إلى ” قطيعة حقيقية بين الشعب والسلطة التي لا يربطهم بها سوى آلية القمع والإرهاب مما جعل الشعب ينتظر يوم الخلاص من هذه الأوضاع المأساوية”.
وأما المرحلة الثانية من الرؤية التي قدمها الدكتور العامري لرئاسة لجنة القضية الجنوبية فتبدأ من عام 90م والتي كانت وحدة الجنوب مع الشمال، وعلى الرغم
أن الوحدة كانت اضطرارية من قبل الرئيس السابق علي سالم البيض بعد انهيار الاتحاد السوفياتي في 89م، وانقطاع الدعم اللوجستي لجنوب اليمن من الاتحاد السوفياتي؛ فقد مثلت الوحدة بالنسبة للجنوب ممثله بعلي سالم البيض “طوق النجاة” كما وصفتها الرؤية، إلا أن هذا التوجه من القيادة الجنوبية لم تـُشرك رأي القادة العسكريين والسياسيين الجنوبيين في الشمال والذين كان أغلبهم من ما يسمى بـ”الزمرة” وعلى رأسهم علي ناصر محمد.
وكان يفترض حسب الرؤية ” أن يكون للقوى السياسية والعسكرية التي تواجدت في شمال اليمن -على إثر أحداث 86م حظ في التشاور حول آلية اتخاذ قرار الوحدة واستمرارية بقائها دون أن تتعرض للاختلال، لكن الحزب وكعادته في سياسة الإقصاء طالب بطردهم وهو بالفعل ما استجابت له صنعاء، كما أصروا على عدم إدخالهم في القسمة والشراكة في دولة الوحدة.
ووصفت الرؤية بأن هذا التوجه كان استبدادي ساهم إلى حد كبير في غياب النظرة الموضوعية لمشروع الوحدة الذي يضمن الشراكة السياسية لأبناء الجنوب في الحكم.
لكن هذه الصيغة المستعجلة في الوحدة لم تكن لتدوم بعد أن بدت ظاهرت الاغتيالات للقادة الجنوبيين فاعتبر الجنوبيون أنها تصفيات من الشمال تستهدف القوى الجنوبية، بينما نظرت القوى الشمالية شريكة الحكم في الوحدة أنها تصفيات على خلفية أحداث 86م، حتى وصل الأمر إلى الاحتقان بين علي سالم البيض والقوى الشمالية حتى انتهى بتمرد علي سالم البيض ومن معه على نتائج انتخابات 93م واتجاهه للانفصال.
وحين أحس الحزب الاشتراكي بعد الانتخابات بتلاشي وجاهته السياسية وحضوره في المشهد السياسي بحصوله على 20% من المقاعد توجه الى استعادة الدولة والنظر الى ما قبل 90م، فدخل الطرفان في حرب صيف94م، ونظرة الرؤية على أن حرب 94م التي يدور حولها جدلا واسعاَ بأنها كانت بفتوى دينية فقد قالت الرؤية أن الحرب لم تكن بين شمال اليمن وجنوبه وإنما هي حرب بين اتجاهات سياسية وشركاء في السلطة.
أما المرحلة الثالثة فهي ما بعد حرب 94م، حيث دخلت القضية الجنوبية منعطفا تاريخياَ كما وصفتها الرؤية، وكان نتاج الحرب هو استحواذ حزب المؤتمر الشعبي العام وحزب الإصلاح بالقرار السياسي، واتساع دائرة المعارضة السياسية، إضافة إلى تردي الأوضاع الأمنية والاقتصادية، و تجاهل الحقوق والاستحواذ بالوظيفة العامة، وقد توج هذا الوضع عجز الدولة وفشلها في إقامة دولة المؤسسات.
ذلك أن تصوير الحرب على أنها احتلال الشمال للجنوب أمر في غير محله بدليل أن كثيرا من القادة والجيش الذين شاركوا في الحرب كانوا من أبناء الجنوب.
وفي هذه الفترة إجمالا حسب ما ذكرته الرؤية “أطلقت أيدي العابثين وتم التستر على أعمالهم المشينة المتعلقة بنهب الأراضي والعبث بالثروات العامة وتغلغل بمافيا الفساد في النفط والغاز، مع ترد مروع للأوضاع الاقتصادية وارتفاع معدلات البطالة، وغياب أو ضعف فرص العمل، وهو الأمر الذي زعزع الثقة بقدرة النظام على تصحيح أوضاعه ومعالجة مشكلاته”.
واختتمت رؤية حزب الرشاد حول جذور القضية الجنوبية بأن حل القضية الجنوبية تأتي في سياق الجانب الحقوقي وهي عبارة عن حقوق اقتصادية تتمثل في الاستفادة من موارد الجنوب الاقتصادية وإشراكهم بما يتناسب مع منطقتهم الزاخرة بالثروات الطبيعية المتعددة، وفقا لمعايير العدل ورفع الظلم والمعاناة عنهم.
والحق في إعادة الاعتبار لهم وتسوية أوضاع المسرحين من أعمالهم في جميع مجالات العمل الوظيفي في القطاعين المدني والعسكري.
وبهذا تتحقق مطالبهم المشروعة وبناء دولة تحافظ على الثوابت الدينية والوطنية
التي تستمد أنظمتها من أحكام الشريعة الإسلامية وتعمل على تطبيق ذلك في عامة مناحي الحياة.