الهوية_اليمنية
بقلم / محمد عيضة شبيبة*
لقد امتاز العربي بصفات حميدة، وهذه الصفات هي في اليمني من بابٍ أولى لأن العرب هم عيال اليمن، واليمنيون هم أقيال العرب.
وحتى نحفظ هويتنا حقًا فإنه يجب أن نبعث قيم وشيم أجدادنا الصالحة التي هي قيم الإسلام وشيمه وجاء النبي عليه الصلاة والسلام ليتممها فقال: (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق)
إن علينا أن نتزين بأخلاقهم مع تزيننا بِخِرَقِهم فنكون بررة لهم في خلقنا وخِرقنا، في اللباس والجوهر ( ولباس التقوى ذلك خير)
وأذكر نفسي أولا ثم إياكم ثانيا ببعض من هذه الأخلاق الكريمة التي كانوا عليها:
▪️كانوا لا يكذبون ولو اضطروا إلى ذلك قال أحدهم وهو في مجلس مخاصمة أحوج ما يكون فيها لكذبة ولو صغيرة تفتك بعدوه وتقلب الموقف لصالحه ومع ذلك لم يفعل وقال:( لا أحب أن تتناقل عني العرب كذبة فتعيرني بها أبد الدهر ) وقال الآخر وهو يرى السيف ولا ينجيه من حره إلا أن يكذب ومع ذلك لم يكذب وقال: ( والله لو أحل الله الكذب من السماء ما كذبت)
▪️كانوا غاية في الكرم والبعد عن البخل فتجده ربما عقر خيله من أجل إكرام ضيفه أو رهن سيفه ليغيث من استغاث به، وكان همه وشغله الشاغل ألا تطفأ ناره، أو تطوى سفرته، أو يُغلق باب داره، حتى أن القيل اليماني الكبير والصحابي الجليل سعد بن عباده كان لا ينام معه المال لأنه ماكان يأتي الليل إلا وقد انفقه وكان يدعو الله فيقول: ( اللهم إني لا أصلح للفقر ولا الفقر يصلح لي)
▪️كانوا يصونون الحرمات، ويحفظون الأعراض، ويحمون الجوار ويرعون حق الجار، حتى قال شاعرهم:
وأغض طرفي إن بدت لي جارتي
حتى يواري جارتي مأواها
وقال أخر:
تعيرنا أنا قليل عديدنا
فقلت لها إن الكرام قليل
ما ضرنا أنا قليل وجارنا
عزيز وجار الأكثرين ذليل
▪️ كانوا لا يخفضون رؤوسهم ولا يداهنون في مواقفهم ولا يتملقون أو يذهبون ماء وجوههم ولا يأكلون لقمتهم إذا كانت معجونة بذلة، لا يُقَبِّلُون ركبة ولا ينحنون لعمامة أو يَرضون بخسة شعارهم:
( لنا الصدر دون العالمين أو القبر)
قال شاعرهم:
لا تَسقِني ماءَ الحَياةِ بِذِلَّةٍ
بَل فَاِسقِني بِالعِزِّ كَأسَ الحَنظَلِ
ويعجبني ما قاله الشاعر العليي الحيمي:
والقسم ما تدلت روسنا لجل لقمة
لا قد العيش بالذلة نوينا الصيام
▪️كانوا لا يخلفون وعدهم ولا ينكثون عهدهم ولا يخونون أمانتهم ولا يغدرون بذمتهم حتى أن القيل الأزدي السموأل غدى مثلا في الوفاء حينما خُيَّر بين قتل ولده أو التفريط في أمانته التي أودعها عنده أمرئ القيس فاختار أن يُقتل ولده ولا أن يخون أمانته أو يفرط في حفظها، وفعلا قتلوا ابنه وهو مستمسك بأمانته حتى أوصلها الى ورثة امرئ القيس مع أن أباهم قد مات وكان يسعه أن يفرط فيها وعذره حفظ حياة ابنه لكنه لم يتنازل:
وفيت بأدرع الكندي إني
إذا ما خان أقوام وفيت
وقالوا إنه كنز رغيب
ولا والله أغدر ما مشيت
▪️كانوا لا ينسون المعروف ولا ينكرون الجميل ولا يجهزون على الجريح ولا يتفاخرون بالنصر على الضعيف.
كانوا وكانوا وكانوا…. هذه أخلاقهم وعلينا أن نحييها في نفوسنا وواقعنا
ولا أزعم أننا مثلهم أو سنكون مثلهم لكن كما قال الشاعر
وتشبهوا إن لم تكونوا مثلهم
إن التشبه بالكرام فلاح
وحتى لا يصدق علينا ماقال الشاعر:
إذا افتخرت بأباء لهم شرف
قلنا صدقت ولكن بئس ما ولدوا
وحتى نردد مع الشاعر ونحن نسير على الدرب :
أولئك أبائي فجئني بمثلهم
إذا جمعتنا ياجرير المجامع
اللهم اهدنا لأحسن الأخلاق فإنه لا يهدي لأحسنها إلا أنت واصرفنا عن سيئها فإنه لا يصرف عن سيئها إلا أنت.
أسعد الله صباحكم وطابت أوقاتكم.
* وزير الأوقاف والارشاد