كتابات

القصد القصد تبلغوا

542832_281526088591826_104075433003560_654290_1806441241_n

* د.محمد بن موسى العامري

القصد في الأمر الذي لا غلو فيه ولا تقصير وهو جزء من حديث متفق عليه ومن معانيه أيضاً إن لم تستطيعوا الأخذ بالأكمل، فاعملوا بما يقرب منه، يعني اعملوا بالسداد، فإن عجزتم عنه فقاربوا أي اقربوا منه. تذكرت هذا الحديث وأنا أتابع التجربة التركية الحديثة , الأردغانية -إن صحت التسمية- فعملية البناء بشقيها الديني والدنيوي لا تأتي دفعة واحدة وإنما هي محكومة بالسنن والنواميس والتدرج شيئاً فشيئاً . حزب العدالة التركي ليس وليد اللحظة ولاهي محطة عابرة صادفه الحظ فيها ، وإنما هي عملية تراكمية قرأت الخارطة التركية منذ زمن مبكر واستطاعت أن تمارس المتاح الممكن حتى حققت للشعب التركي قدراً كبيراً من تطلعاته التي هيئته للوثوق في مشروع العدالة وهي تجربة جديرة بالدراسة من لدن الحركات الإسلامية ذات التوجه النهضوي. مع الحذر من القراءة الخاطئة للتجربة التركية ! فالمسار التركي يعمل على عودة تركيا إلى هويتها وقيمها خطوة خطوة ولا يزال في طريقه إلى المزيد من خلال التوغل والعمل الدؤوب على إصلاح معايش الناس وشئون دنياهم وفتح المزيد من الحقوق والحريات النافعة التي عدمت أو كادت في عهود مضت من القمع والاستبداد ! وهذا لا يعني وبالذات في عالمنا العربي إلا مزيداً من الحرص على المكتسبات الأخلاقية والدينية والعمل على ترسيخها وتقديمها لكن بصورتها الناصعة بعيدة عن مسالك الغلو والتفريط التي كان لها انعكاساتها السلبية على فئام من الناس التي لم يساعدها الحظ أو لم توفق في الحصول على ما لابد منه من ضروريات علوم الشريعة الإسلامية فاختارت لذلك الجنوح عن مشاريع المصلحين إلى تلمس حلول أقل ما يقال إنها عديمة الجدوى فضلاً عن تكريسها للتخلف الحضاري دينياً ودنيوياً. وهذا وحده غير كافٍ من المصلحين مالم يكن هناك ما يحقق آمال الشعوب من العمل على استصلاح أوضاعهم وتحقيق الحد الأدنى من العيش الكريم الذي يعفيهم من التسول والخنوع الذي أدى بهم إلى الشلل التام أو شبه التام لإرادتهم وفقدان الثقة بأنفسهم حتى غابت لدى كثير منهم ملامح المحطات الأولى للخروج من التيه الذي يتخبطون في ظلماته . وبالعودة إلى معنى الحديث والعمل الدؤوب وسرعة اليقظة والاستفادة من التجارب ومغادرة البطالة والأحلام التي لا تسمن ولا تغني من جوع وجمع الكلمة وتقديم المشاريع النافعة والتدرج. سنصل بإذن الله إلى تحقيق مرضاته وخدمة أمتنا ومجتمعنا . وما ذلك على الله بعزيز.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

* رئيس اتحاد الرشاد اليمني

زر الذهاب إلى الأعلى