كتابات

تقنين العنصرية ضد المسلمين

بقلم /محمد الأحمدي

بين الفينة والأخرى يتصدر اليمين المتطرف في أوربا والولايات المتحدة الأمريكية معارك التضييق على الجاليات المسلمة، والحريات الدينية، وحتى الحريات الشخصية للمسلمين، ويأخذ الحجاب والمساجد رمزية في معركة الصراع الحضاري ضد الوجود الإسلامي في الغرب.

في النمسا شهدت الأيام الماضية جدلا واسعا، في أعقاب إقرار البرلمان النمساوي قانونا يحظر الحجاب في المدارس الابتدائية، واللافت في الأمر أن القانون يُخرج من الحظر الطاقية اليهودية التي تغطي قسما فقط من الرأس، والعمامة التي يرتديها الأطفال السيخ لتغطية شعورهم، وهو ما يجعل القانون مظهرا واضحا من مظاهر التمييز الممنهج ضد المسلمين.

في فرنسا أيضا أقر مجلس الشيوخ قانونا مشابها، أطلق عليه “قانون المدارس”، ويتضمن مادة تحظر على الأمهات ارتداء الحجاب أثناء مرافقة أبنائهن في الرحلات المدرسية، ورغم اعتراضات العديد من القادة السياسيين في فرنسا، لكن القانون العنصري يأخذ طريقه نحو التنفيذ، كما يبدو.

فرنسا التي تمثل بلد الحرية في أوروبا كانت قد شهدت العديد من قرارات حظر الحجاب، لكنها قوبلت بانتقادات واسعة، من أبرزها حملة “ادعم مريم” دعماً لطالبة مسلمة في جامعة السوربون تعرضت لانتقادات من قبل سياسيين وحملة من خطابات الكراهية.

أما في الدنمارك، يستمر اليمين المتطرف في استفزاز المسلمين، حيث قام رئيس حزب “النهج الصلب” راسموس بالودان، يوم 22 مارس المنصرم، بحرق نسخة من القرآن الكريم أمام حشد من المصلين المسلمين وغير المسلمين المتضامنين مع ضحايا مجزرة نيوزلندا.

اللافت أن قوانين التضييق على المسلمين تترافق أيضا مع حملات تشويه وتحريض واسعة على كراهية المسلمين في الغرب، والإساءة إلى تاريخ الفتوحات المسلمين تارة، والحضارة العثمانية تارة أخرى، يتولى كبر هذه الحملات طابور من الأصوات العربية المحسوبة على التيار الليبرالي، تفتقد هذه الحملات لأي منهجية علمية أو معايير موضوعية للنقد، وإنما مجرد اتهامات مرسلة ومحاولات تزييف لحقائق التاريخ وتحميل المسلمين وتاريخهم المسؤولية عن كل المآسي والحروب.

ومن المؤسف حقا أن يتصاعد خطاب الكراهية ضد المسلمين في الغرب، حتى على ألسنة بعض الزعماء العرب وفي خطاباتهم العلنية دون خجل، لتشكل هذه الخطابات التحريضية وقودا للهجمات العنصرية على المسلمين وفتاوى جاهزة لاستباحة دمائهم واستهدافهم.

زر الذهاب إلى الأعلى