كتابات

الأحزاب الإسلامية .. خيارات ما بعد الانقلاب

10420253_1421472808073246_5288497353391847580_n

 

حمير الحوري

لقد أعاد الربيع العربي تشكيل الخارطة الحزبية في المنطقة لصالح الأحزاب الإسلامية العتيقة والناشئة لتتهيأ الأحزاب الإسلامية عمليا لقيادة دول طالما حلمت بقيادتها وفق رؤيتها الإسلامية, غير أن مراكز النفوذ المحلية والإقليمية والدولية لم تكن لترضى بتلك  النتائج الديمقراطية التي أفرزت لهم واقعا سياسيا لا ينسجم مع توجهاتهم ومصالحهم  في المنطقة, فعمدت إلى الانقلاب على تلك النتائج واستخدمت لذلك إمكانياتها الهائلة.

لقد تفاجأت فعلا تلك الأحزاب بحجم المؤامرة عليها وحجم الفجور السياسي الذي وصل إليه خصومها,  ولولا ما تمتلكه تلك الأحزاب في مجملها من وعي وبصيرة وإدراك لحقيقة مشروعها لما كان من السهل عليها تحمل كل ذلك العنت والمشقة في سبيل تحقيق أهدافها ورسالتها المقدسة القائمة على إقامة حكم إسلامي ينهض بالمجتمعات المسلمة ويهيئها لقيادة العالم.

إذا فقد تعرض العمل السياسي في المنطقة العربية ككل  لهزات عنيفة كان من أبرز نتائجها حصول حالة من الإحباط وتراجع الاقتناع بجدوى الحلول السياسية في مقابل تصاعد جماعات العمل المسلح, يُلحظ هذا الأمر في اتساع بؤر المواجهات المسلحة و في دخول عدة دول ضمن دائرة الدول المهددة بنشوب أعمال عنف واسعة.

فالأحزاب الإسلامية وشعوب المنطقة عموما تعيش مرحلة بالغة الخطورة،  هذه المرحلة تدفع الأحزاب الإسلامية نحو البحث عن خيارات أكثر ملائمة ومناسبة لمواجهة تلك التحديات,  وقبل الحديث عن تلك الخيارات المطروحة على طاولة الأحزاب الإسلامية في المنطقة نود أن نجمل أبرز الأسباب التي أدت إلى حصول الانقلاب الإقليمي والدولي ليس على الأحزاب الإسلامية فقط بل على مبادئ العمل السياسي الغربي برمته.

 مستقبل المنطقة:

لدينا لاعبون كثر في المنطقة لديهم مصالحهم التي يرغبون في الحفاظ عليها أو الذين يرغبون في إيجاد نفوذ لهم في المنطقة لدينا إسرائيل بامتداداتها العالمية وأمريكا بقواعدها العسكرية ونفوذها السياسي في المنطقة لدينا قوى صاعدة كإيران ومشروعها الذي يرى أحقيته التاريخية والعقدية في السيادة على كل المنطقة[1], لدينا الروس والصينيون، ولا ننسى الحكومات المحلية ومشاريعها النفعية التي تحاول أن تثبت أقدامها في الحكم في ظل واقع سياسي مضطرب  دون اعتبار لموضوع القيم والهوية والحفاظ على المصالح الوطنية.

إيران استوعبت الواقع السياسي للمنطقة حيث أوضح مسئول إيراني مقرب من خامئئي ما ينبغي على المسئولين الإيرانيين معرفته إذ يقول أمام البرلمان: أن على المسئولين في إيران معرفة كل ما يجري على الساحة الإقليمية، والتعرف على كافة اللاعبين الأساسيين والمؤثرين في دول المنطقة.

كل أولئك قد تفاهموا على مبدأ الشراكة في الهيمنة الاقتصادية والسياسية والجغرافية على المنطقة على خلاف بينهم حول بعض التفاصيل التي من الممكن أن تزول ويحصل حولها التفاهم, تضررت من هذا التفاهم جميع شعوب المنطقة ومنها الأحزاب  الإسلامية وكل المشاريع ذات النزعة الاستقلالية الحقة.

ومن أجل البدء بتمرير تلك التفاهمات وتنفيذها لا بد من إزالة أكبر العقبات الحالية والمستقبلية وهي الجماعات الإسلامية بشقيها الجهادي والسياسي وهو ما حصل فعلا  عبر الانقلاب على تلك الجماعات.

إن هذه التفاهمات كانت لها نتائجها الكارثية والدموية ولا أدل على ذلك الاتفاق والتفاهم الدولي والإقليمي حول المنطقة على تفاهمهم على الخطوط العريضة فيما يتعلق بالشأن السوري, فهناك يظهر التحالف الروسي الصيني الإيراني بمقابل الكتلة الأمريكية بقائمة تحالفاتها في المنطقة .

طبيعة المشروع الإسلامي

لقد اعتاد الكتاب الغربيون إطلاق تعبير الأصولية الإسلامية على حركة الصحوة الإسلامية في محاولات لربطها بالحركة الأصولية المسيحية المتعصبة التي ظهرت في الولايات المتحدة مع كل سلبياتها التي رسبتها في الضمير الأمريكي بصورة خاصة والغربي المسيحي بصورة عامة[2].

كل ذلك التشويه لحركات العمل الإسلامي وأحزابه السياسية جاء استشعارا من نخب التوجيه في العالم الغربي لطبيعة المشروع الإسلامي النهضوي وما يتضمنه من خصائص العالمية والاستقلالية وما يمتاز به من مقومات تساعده على أن يقود شعوب المنطقة نحو الحضور العالمي وتحقيق الريادة.

إن قيم الديمقراطية والحرية والتداول السلمي للسلطة تسقط سقوطا مدويا ومخجلا  حين يتعلق الأمر بأي حركة إسلامية تحقق نجاحا على المستوى السياسي لأنها تمثل خطرا حقيقيا على المصالح الدولية في المنطقة من وجهة نظر خصوم الأحزاب الإسلامية.

إن التخوف المتضمن للعداء تجاه الحركات الإسلامية ذات التوجه السياسي  لدى النخبة الحاكمة في الغرب يدفعها لشن حروب لا مبدئية ونزاع غير شريف مع أحزاب العمل الإسلامي التي تناضل من أجل الوصول لحكم إسلامي أصيل يحقق للأمة مجدها ويعيد تاريخها المشرق, حتى وان قدمت بعض تلك الأحزاب تنازلات وأظهرت ليونتها وتعاطت مع المبادئ الغربية.

ماذا نسمي الدور الذي لعبه المبعوث ألأممي جمال بن عمر في اليمن حين ساهم وبغطاء دولي ميليشيا مسلحة على إفساد العملية السياسية بغرض تحجيم دور حركات العمل الإسلامي بامتداداتها القبلية والعسكرية.

أن الولايات المتحدة والغرب لن يخسروا علاقاتهم وتحالفاتهم “الدائمة” مع المجلس العسكري بمصر، وقد تأخرت الولايات المتحدة في إدانة العنف الأمني ضد المتظاهرين و دلالة ذلك على طبيعة العلاقة بين الجيش المصري والولايات المتحدة وأوروبا,  وإن الموقف الدولي يؤشر على الاعتراف الضمني بالواقع الجديد في مصر، ودفع السلطة الانتقالية (سلطة الانقلاب ) للتقدم[3].

إن التخوف من الأحزاب الإسلامية نابع من اقتناع الغرب وحلفائه بالرؤية الإسلامية وخطورتها على مصالحهم والتي يدركون تماما أنها  تملك المقومات الحقيقية لتحقيق الهيمنة ومنازعة القوى العالمية النفوذ ومصادر القوة.

صراع  البقاء:

كان العامل الداخلي لدول المنطقة والمتمثل في أنظمة الاستبداد التي تسعى للبقاء والديمومة أداة فاعلة في تقويض وإفساد العمل السياسي وصد التمدد الإسلامي في الحياة السياسية,  وقد استغلت تلك الأنظمة التوجهات الدولية في المنطقة وأعادت تقديم نفسها وخدماتها لمن كان سببا في ترسيخ حكمها ممن لهم مصالح  تاريخية ودائمة في المنطقة.

لقد لعب المال والخبرة والقوة والإعلام لتلك الأنظمة دورا كبيرا في كبح جماح الأحزاب الإسلامية  وإفشالها والانقلاب على مخرجات الربيع العربي ومعاقبة من قاموا به, لقد استثمرت تلك الأنظمة الاهتمام الدولي والإقليمي في توجيه دفة التغيير داخل بلدانهم لضرب خصومهم في الداخل, وعملت على إعادة تموضعها السياسي بإعانة إقليمية ودولية كبيرة.

فالنظام السوري مثلا يصارع من أجل البقاء ولو دفعه ذلك لارتكاب أبشع الجرائم الإنسانية  عبر دعم سياسي وعسكري منقطع النظير من قبل أقطاب إقليمية ودولية ضمنت له الحماية من أي عقوبات دولية محتملة, وقل مثل ذلك فيما يتعلق بنظام علي صالح  في اليمن فما زال يتمتع بنفوذ سياسي وعسكري مؤثر في اتجاه مسار الأحداث, وقد استثمر الفرص الممنوحة له لتصفية خصومه ومن وقفوا في صف الثورة ضده.

 ضعف  الاستعداد:

لقد بدا واضحا أن الأحزاب الإسلامية ارتكبت أخطاء كبيرة سواء على مستوى تقدير حجم المؤامرة عليها أو التعاطي مع المؤشرات المتتابعة لذلك التآمر من قبل خصومها، وهو ما سهل عملية الانقلاب عليها والإطاحة بها خاصة في مصر واليمن.

إن شخصية مصرية مثل الشيخ حازم أبو إسماعيل أثبت أنه أوعى للواقع السياسي ومستقبل الثورة من الأحزاب الإسلامية مجتمعة فقد وجه نداءات تحذيرية للأحزاب الإسلامية ولشباب الثورة من أن الانقلاب قادم لا محالة وعليهم أن يستعدوا له, لكنه لم يجد أذنا صاغية من قبل تلك الأحزاب ولكم أن تتابعوا مقاطعه على اليوتيوب وهي تدل بوضوح على إدراكه للواقع وعلى يقظته السياسية.

لقد دعا حازم أبو إسماعيل في جميع أنشطته إلى ضرورة أن لا يعود الثوار لبيوتهم وقد قدم  حلقة تلفزيونية بعنوان ” أدركوا  اللحظة الفارقة ” وأطلق حملة سنحيا كراما وأقام العديد من الفعاليات الجماهيرية المناهضة للانقلاب قبل وقوعه بأشهر في مصر[4], في حين كانت الأحزاب الإسلامية تتنافس في ما بينها على تسجيل الحضور السياسي والإعلامي غافلة عن ما يدبره لها خصوم الثورة.

وفي محاضرة له بتاريخ25/فبراير/2012م تنبأ بالانقلاب في اليمن  أي قبل حصول الانقلاب في اليمن بعامين وقد وقع ما تنبأ به[5], في حين كانت الأحزاب الإسلامية في اليمن مستبعدة من اهتماماتها السياسية وقوع الانقلاب بذلك الشكل رغم مؤشراته التي بدت واضحة من وقت مبكر.

لقد أدركت الأحزاب الإسلامية متأخرا أنها خدعت واستغفلت من قبل المجتمع الدولي وتكشف لها بوضوح أن الأدوات السياسية التقليدية في التعاطي مع القوى الإقليمية والدولية في المنطقة لم تعد مجدية، وأن العمل السياسي بطريقة حسن النوايا التي مارسته بعد الثورة لن ينفعها مستقبلا وعليها أن تبحث عن أدوات سياسية أكثر ملائمة ومناسبة لتنفذ بها نحو الواقع السياسي الجديد الذي بدأت ملامحه تتشكل في المنطقة.

خيارات ما بعد الانقلاب

– الثبات على الخيار السياسي بأدواته السلمية:

الأحزاب الإسلامية اليوم أمام تحديات كبيرة ومنعطفات بالغة الخطورة,  من أهم تلك التحديات والمخاطر موضوع ثباتها على خيار العمل  السياسي أو التحول عنه إلى خيارات أخرى أسوئها التحول إلى جماعات مسلحة ونضالية كردة فعل على الانقلاب وممارساته.

لقد اكتسبت الأحزاب الإسلامية منذ تأسيسها حتى اليوم خبرة سياسية واسعة وإدراكا لأدواتها وألاعيبها المعاصرة وكان لذلك ارتداداته على المستوى الفكري والحركي لتلك الأحزاب ولجماعاتها المولدة لها أيضا، كما أثرت تلك المشاركة  في تطوير أدوات الجماعات الإسلامية ذات التوجه السياسي ودفعتها للتراجع عن العديد من اجتهاداتها الشرعية ذات الصلة بالعمل السياسي.

جاءت ثورات الربيع العربي لتدفع هي أيضا نحو تحولات كبرى لدى العديد من تلك الأحزاب والجماعات لتُثرى البيئة السياسية العربية بالمزيد من الأحزاب السياسية ذات التوجه الإسلامي ففي اليمن سرعت الثورة بإنشاء  حزبا الرشاد والسلم  ذوا التوجه السلفي ليسجل الأول حضورا لافتا في مجريات الأحداث السياسية بعد الثورة، كما شهدت تونس إنشاء قرابة 10 أحزاب إسلامية وقل مثل ذلك في مصر،  كانت ثورات الربيع العربي وما تلاها قبل حصول الانقلاب هي الفترة التي انتعشت فيها سوق الأحزاب الإسلامية في الساحة السياسية العربية.

إلا أن الانقلاب بطأ من حركة الأحزاب الإسلامية المتقدمة وتسبب في خلط أولوياتها ليتراجع في ذهن جمهور تلك الأحزاب وقواعدها التحمس للعمل السياسي وهو ما يشكل خطرا حقيقيا على المستقبل السياسي لتلك الأحزاب, إن الثبات على الخيار السياسي يعتبر مسألة صعبة أمام الاستفزازات التي تتعرض لها الأحزاب الإسلامية من قبل خصومها لكنه الخيار الأمثل في ظل عدم وجود جبهة إسناد إقليمية يمكن التعويل عليها في خوض صراع مسلح واسع على مستوى المنطقة,  وعليه فقد اتخذت الأحزاب الإسلامية من الناحية العملية خيارها بعدم التحول عن العمل السياسي  إلى ما سواه.

– التحول إلى جماعات مسلحة لاسترداد حقوقها السياسية :

إن السياسة الدولية و الإقليمية المتبعة في المنطقة هي سياسات مولدة للعنف بامتياز, إنها سياسات منحازة للانقلاب وأنظمة الاستبداد، ومما يزيد الأمر خطورة هو التفاهمات الأمريكية الإيرانية الأخيرة وانعكاس تلك التفاهمات على المستقبل الأمني للمنطقة باعتبار الأخيرة راعية للميليشيات الطائفية الشيعية في العراق وسوريا ولبنان ومؤخرا في اليمن.

إن الانقلاب على الأحزاب الإسلامية لم يكن مقتصرا على حرمانها من مكتسباتها وحقوقها السياسية فقط لقد تجاوز الأمر إلى استعدائها عبر محاولة حظرها وسجن رموزها ومطاردة عناصرها, لقد نهبت مقرات أكبر الأحزاب الإسلامية في اليمن وفجرت مساجد ودور للقران  تابعة له, وفي مصر قتل الآلاف من أنصار تلك الأحزاب  وسجن المئات من قيادة الأحزاب الإسلامية المصرية.

إن المعطيات الواقعية كلها تدفع نحو تقوية هذا الخيار وتجعله حاضرا في ذهن أتباع تلك الأحزاب وجماهير ثورات الربيع العربي التي شعرت بالغبن الشديد للانقلاب على أحلامها وطموحاتها, غير أن ما وصلت إليه الأحزاب الإسلامية عبر تجاربها السابقة ونظرها في تاريخ العمل المسلح القريب يجعل اتخاذ مثل هذا القرار صعبا للغاية, خاصة وأن الأدوات المنفذة للانقلاب  هي أدوات محلية في غالبها مما يجعل اتخاذ مثل هذا القرار أشبه باتخاذ قرار لخوض حرب أهلية.

إن الخيار المسلح الذي نعنيه هنا ليس الخيار المتعلق بالدفاع عن النفس لكنه القرار المتعلق بالدفاع عن المشروع والحقوق العامة للأمة والذي يأخذ صفة الصراع الواسع والشامل ضد قوى الانقلاب.

– التحول إلى جماعات دعوية لا علاقة لها بالشأن السياسي:

التحول عن الخيار السياسي إلى خيار العزوف عن العمل السياسي والتحول إلى جماعات دعوية منعزلة عن الحياة السياسية هو خيار له حضوره ويدفع نحوه تراجع الاقتناع بالعمل السياسي لدى قواعد تلك الأحزاب ومناصريها.

الحياة السياسية في مجملها حياة مضطربة وغير مستقرة وفيها مخاطر وتحديات عديدة ومتجددة, الجانب  القيمي والأخلاقي في خلافاتها شبه منعدم, ولأن الأحزاب الإسلامية هي أشبه بالجماعات الدعوية إلا أنها تشتغل بالشأن العام وتعمل على تحقيق الرؤية الإسلامية عبر العمل السياسي, نجد أن ما تعرضت له من استلاب للحقوق السياسية وانقلاب عليها يعيد إليها نظرية التربية والعمل الدعوي كأولوية ويقوي نظرية التربية التي تعتمد على الإصلاح الاجتماعي قبل الإصلاح السياسي.

إن أكثر من يتجه نحو هذا الخيار هي تلك الأحزاب الإسلامية الناشئة والتي اصطدمت بواقع سياسي لم تكن تتوقعه بسبب حداثة تجربتها السياسية وقرب عهدها بنظرية الإصلاح الاجتماعي أولا.

    إن واقع تلك الأحزاب وما اكتسبته الجماعات الإسلامية ذات التوجه السياسي من خبرة واسعة  بخارطة المصالح الإقليمية والدولية في    المنطقة,  يجعل تحديدها لأي من تلك الخيارات عملية صعبة للغاية نظرا للنتائج  المترتبة على تحديد احدها, على  أن احتمال ثباتها على الخيار السياسي هو المرجح نظراً لضرورة الحضور السياسي الإسلامي الذي تدرك أهميته قيادة تلك الأحزاب, على أن التسرب لآحاد أتباعها في الاتجاه نحو تلك أحد تلك الخيارات أمر وارد بلا شك.

المعطيات المستقبلية وما سيفرزه الصراع السياسي والعسكري في المنطقة هو الذي سيحدد مستقبل الأحزاب الإسلامية وسيضعها أمام خيارات أكثر صعوبة,  كما أنه سيساعدها بلا شك في تحديد خيارها الاستراتيجي الأنسب لها وللأمة,  ومما تجدر الإشارة إليه أننا أمام تجارب ومعطيات متباينة في المنطقة العربية وهو ما سينتج لنا خيارات متنوعة ومختلفة بحسب طبيعة كل بلد وما تتطلبه من خيار يلاءم تضاريسها السياسية والاجتماعية والاقتصادية والأمنية.

السنوات القادمة ستسهم بلا شك في بلورة رؤى أكثر نضجاً وعمقاً لتلك الأحزاب والجماعات الإسلامية,  وستسهم الأحداث في صياغة وجه جديد للمنطقة وستعيد خارطة التحالفات الإسلامية الإسلامية،  كما أنها ستدفع بقوة نحو تشكل وعي إسلامي عميق خاصة مع وضوح قائمة المصالح الإقليمية والدولية في المنطقة أكثر من ذي قبل.

ختاما:

فان الأحزاب الإسلامية وعموم الأمة مطالبة اليوم أكثر من مضى  بدراسة خياراتها المستقبلية وفق المعطيات الجديدة والحاضرة في المنطقة وبما يحقق المصالح العليا للأمة, إن اتساع الرؤية لتلك الأحزاب والجماعات يدفعها نحو استيعاب هموم الأمة ومصالحها العليا لا مصالح تلك الأحزاب والجماعات  المحدودة، وإن السعي الجاد لتكوين تحالفات إسلامية إسلامية وإنشاء مجالس ائتلافية حقيقية لا وهمية واجب الوقت على جميع التكتلات السياسية والدعوية  لمواجهة التحديات القائمة أمامها.

الحاجة ماسة وملحة لنشر ثقافة الوعي بمسائل السياسة الشرعية وتطبيقاتها المعاصرة وهو ما يلزم تعلمه وتعليمه لعموم الأمة ونخبها وأجيالها المتلاحقة لكي تكون قادرة على التعاطي الصحيح مع القضايا والنوازل السياسية والأمنية المعاصرة,وهي من لوازم النشاط التثقيفي والتعليمي لتلك الأحزاب ليحصل بذلك تجاوز الأخطاء التي كلفت الأمة الكثير بسبب ضعف الوعي بمسائل السياسة الشرعية وما يتعلق بواقعها السياسي المحلي والعالمي.

إن قوى الانقلاب بامتداداتها العالمية والمحلية تشكل تحد لا يمكن الاستهانة به فالاستعانة بالله ومراجعة الأحزاب الإسلامية لواقعها المنهجي

زر الذهاب إلى الأعلى